النقد التشكيلي
النقد بمفهومه المطلق هو الخيط الواصل بين المنجز الإبداعي والمتلقي، المعني بحواس النص الإبداعي وهو يساهم بالوعي الفني لدى الجمهور، وهو عامل من عوامل الثقافة الفنية.
ومهمة الناقد الحقيقية هي فك وتوضيح وتقريب الرموز وتفاعلاتها ضمن منظومة فنية لها مرجعيتها للجمهور في محاولة لدخول الإنسان عصر الصورة التي تهجم علينا عبر قماشة اللوحة المسندية أو المنحوتة أو الصورة.
وعلى العموم يتكون انطباع بأنه لدى العلاقة المتبادلة بين الفنان والمشاهد تبقى كل الصعاب والواجبات في قائمة حساب الفنان بينما تبقى للمشاهد حرية أن ينظر قدر ما يشاء وحسبما يشاء، والمعروف أن اللوحات الأكثر إتقاناً تجتذب المشاهدين أكثر من سواها وكذلك اللوحات الأكثر بريقاً. وإن علاقة المشاهد بالعمل الإبداعي ومن ثم المتعة التي يستطيع أن يجنيها منه مرتبطة بمستوى تقبله للعمل الذي أمامه.
وتختلف رؤية المشاهد العادي عن الناقد من حيث الرؤية الخاصة بمدلولات المنجز الإبداعي، فالناقد هو الأقرب للفنان والمتلقي وهو الأكثر غنىً وقدرة على كشف سرائر المنجز.
وتحليل العمل الفني ليست بالأمر اليسير لكنه بالمستحيل خاصة من أناس لهم في هذا المجال العمق على المكاشفات الراهنة في المستوى الحقيقي للعمل الفني.
ونلحظ أن معظم الذين مارسوا النقد كانوا كُتَّاباً أو صحفيين أو تشكيليين، وسادت فترة يقوم الناقد بالمديح المسهب للفنان ولأعماله الفنية إن كانت هناك صداقة تربطهما، أو إنه من نفس الاتجاه الذي ينتهجه لذا تجده قادراً على الخوض في الكتابة عنه لإبراز ذاته من خلال عمل غيره الذي يحن إليه، أو العكس إذا كان على اختلاف معه فتجد النقد والتجريح لحد الإيذاء أو التهميش، بل يسعى للتغييب سواءاً في مقالاته أو آرائه حول المنجز أو عدم احترامه لكل ما يقدم، وترى أن بعض من يتناولون الكتابة النقدية تجدهم يحرصون على الحضور المتواصل للمعارض والأمسيات الفنية والأدبية بغية منهم في التفاعل وإثراء الحدث بالرأي والحوار الجاد الذي بدوره تفعيل دوره كناقد أو ككاتب، مهتم بكل حدث جاد أو متواضع وإضفاء صيغة الاحترام للعمل والجهد المبذول مهما كان مستواه.. وأرى إنه من الضروري في هذا المجال أن نخلق نوع من النظرة المتفائلة والجادة في إلقاء الرأي بعد معرفة المستوى والعمر للمنتج حتى تكون العبارات أقرب للقبول بدلاً من زج كلمات فضفاضة لا يدرك معناها أي إنسان مهما كان متعلماً.
وساحتنا التشكيلية المترهلة بل المتصدعة بحاجة لمن ينتشلها من صدأها ويزيل عنه تلك البقع التي تغطي سطحها وينبش فيما تَبَقَّى منها للنهوض به إلى أفضل مستوى وتدعيم تلك العناصر لإبرازها وخلق روح العمل الجاد المتواصل فيها حتى لا تصدأ.
فساحتنا مليئة بالمبدعين الشباب والنهوض بهم واجب على كل مبدع ومحب ومخلص.

عبد العظيم الضامن