من يحب التراث يعرف جيدا البشت وهناك من لايعرفه
نظرا لتنوع بيئتنا لاتساع المملكة حيث لكل منطقة تراث معين

لنتعرف على البشت الحساوي :

البشت الحساوي: أصالة عربية .. وقيمته الاجتماعية لا يعرفها الأبناء
هذا الموضوع الذي كتب بجريدة الشرق الاوسط
مع تجميعي لبعض الصور التي توثق تلك الصناعة التراثية الفريدة





عملية تطريز البشت الحساوي




صناعة البشوت تحتاج إلى مهارة عالية وخفة يد وحرفية






برع الأحسائيون في صناعة البشوت، التي عرفت مع امتداد شهرتها في الوطن العربي بـ«البشت الحساوي» في دلالة على جودته ونوعيته التي ميزته عن بقية الصناعات المحلية والعربية والأجنبية في حياكتهم للبشوت العربية المتنوعة. والبشت، مسمى فارسي لقطعة قماش يتم ارتداؤها فوق الثوب، وقد عرف البشت أو «المشلح» في الأحساء منذ عقود طويلة، حيث يعتبر مصدرا للوجاهة والوقار يرتديه أعيان المنطقة في المناسبات الرسمية والاحتفالات والأعياد المتنوعة الخاصة والعامة، ويكون مقتصرا في ارتدائه على شخصيات معروفة بين الناس، كما أصبح البشت، من جهة ثانية، زيا رسميا، أخذ يتقلده كثير من الناس في البروتوكولات الرسمية وغير الرسمية، ما أفقده خصوصيته واقتصاره على الطبقة المخملية في مختلف المدن والقرى السعودية.






وعرفت في السعودية قصة صناعة البشوت وحياكتها منذ قرون عن طريق أهالي الأحساء الذين أجادوا هذه الحرفة، والذي أطلق عليه اسم «البشت الحساوي» مستمدين هذا الاسم من صناعة الأحسائيين له. وتذكر كتب التاريخ أن الأحسائيين برعوا بإتقان في صناعة المشالح يدويا منذ العصر الأول لظهور الإسلام، وانهم نشروا هذه الحرفة خلال أحقاب متفرقة من التاريخ، إضافة إلى تصديرهم البشوت إلى عدد من المناطق السعودية والدول المجاورة خصوصا إلى دول الخليج العربية وسوريا والعراق.






وكان البشت الحساوي يصنع قديما بطريقة يدوية محترفة، ويستغرق صانعوه ما بين 10 إلى 15 يوما للمشلح الواحد، بيد أن الآلة النسيجية الحديثة مع تطور التكنولوجيا دخلت في صناعته، لتختصر مدة صناعة البشت الواحد إلى عشرات البشوت يوميا، تختلف حسب نوعية وطلبات الزبائن، غير أنه ما زال كثير من الشخصيات المعروفة تفضل صناعته يدويا، بأنامل تجيد وتخبر حرفيته الدقيقة، والتي تتحدى الآلة الحديثة في رسم ووقز وتطريز البشوت بصورة أكثر جمالية وجودة عالية.

ويقول أبو ذر، في العقد الثالث من عمره، والذي ورث مهنة صناعة البشوت عن أبيه، إن البشوت الحساوية فقدت هيبتها في ظل وجود عمالة وافدة تقوم بصناعة البشوت وبأسعار زهيدة تنافس السعوديين، وأن غالبية البشوت المصنوعة هي صناعة عمالة وافدة، غزت السوق بمنتجاتها، وتصدر هذه المهنة إلى بلادها، مضيفا أن أصحاب المهنة المعروفين في الأحساء تركوا مهنتهم إلى تلك العمالة الأجنبية لتقوم بصناعة البشوت.

ويذكر أبو ذر أن الأبناء ابتعدوا عن تعلم صناعة البشوت، بسبب التقنيات الحديثة التي تتوافق مع جيلهم العلمي الذي يعتمد على الكومبيوتر والتكنولوجيا الحديثة، ما أبعدهم عن معرفة قيمة البشت الاجتماعية، وتسبب ذلك بالتالي في وجود عمالة تتعلم هذه المهنة. وشدد أبو ذر على أن تكون هناك معاهد مهنية تقوم بتعليم الأبناء هذه الصنعة قبل اندثارها من قبل الآباء.



واشتهر البشت الحساوي، بسبب جودته وحياكته بطريقة يدوية تقليدية بدءا من غزل الخيوط وصناعة القماش، ثم عملية التطريز الذي يعرف باسم «الزري»، والزر بمعنى الذهب، وهي لفظة فارسية تعني خيوطاً من الحرير الأصفر اللامع، ويجلب من خارج المنطقة، وهو عدة أنواع أشهرها الزري الذهبي، وهو عبارة عن خيوط ذهبية تستورد من فرنسا وألمانيا والهند، كذلك الزري الفضي، وهو عبارة عن خيوط فضية مستوردة، إضافة إلى وجود خيوط تعرف باسم «بريسم»، وهي خيوط حريرية توضع على البشوت. ويصنع الزري حاليا في بعض البشوت عن طريق الكومبيوتر الذي يطلق عليه بشت الكومبيوتر أو زري الكومبيوتر، حيث يقوم الجهاز بالخياطة تلقائيا، بالرغم من أن خيوط الزري مذهبة أو فضية إلا أن بعضها يبدو رديئاً يطلى بمادة نحاسية، والذي يتغير لونه مع الوقت.

وتتنوع البشوت الحساوية إلى عدد من الأشكال المختلفة، ويقول أبو ذر إن أكثر البشوت طلبا هو البشت الملكي والمنديلي والمقطع والمروبع والمخومس والمتوسع والعريض والوسط والسخيف، حيث تتنوع ألوان الأقمشة من أسود وعودي وبني وأشقر وسماوي ومحروق. غير أن سماكة الأقمشة تختلف عن بعضها حيث يتزايد الطلب على نوعية الأقمشة تبعا لحرارة الأجواء، فالبعض يفضلها ثقيلة في فصل الشتاء والبعض الآخر يطلبها خفيفة في فصل الصيف. وأشهر أنواع البشوت الحساوية المصنوعة هي البدراني والنجفي والكيلاني والوبر التين والسدونية والبهبان. كما تتفاوت أسعار البشوت من 100 إلى 25000 ريال، حسب نوعية القماش وتطريزه.

ويضيف أبو ذر، أن هناك عدة أنواع من الأقمشة التي سميت بأسماء الدول التي تصدرها، منها القماش الياباني الذي يتميز بجودته الحريرية، والقماش الكشميري واللندني والماريني ودشتي وكذلك النجفي والسوري والإماراتي. ويؤكد أبو ذر، أن صناعة البشوت تحتاج إلى مهارة عالية وخفة يد وحرفية في التطريز تكتسب مع الوقت، مضيفا أن صناعة البشوت اليدوية بدأت تندثر في الأحساء لدخول الآلة الحديثة في صناعة البشوت واستيراد البشوت من سوريا والإمارات بأسعار زهيدة.