تميز فن عصر النهضة بروح الثورة والتمرد على سلطة الكنيسة والمفاهيم الدينية السائدة ؛ وكذلك محاولة إحياء وبعث للتراث الإغريقى والرومانى القديم ؛ أى الاتجاة إلى الجمال كقيمة بحد ذاته والتحرر من سلطة الكنيسة التى كانت تضفى على الفنون ظلالها ومفاهيمها ذات الطابع الحزين والزهد واحتقار الحياة ؛ تلك المفاهيم التى تجسدت فى فنون العصور الوسطى ( الفن الرومانسكى Le Romanesque Art و ( الفن القوطى ( Le Gothique Art )
" ويعتبر فن عصر النهضة الأوربية المرحلة الوسطى بين الفن القديم والفن الحديث حيث يعبر عن فترة قلقة فى مسار الحركة الفنية وعن اهتزاز القيم الجمالية وهو بمثابة المدخل الطبيعى للفن الحديث بعد أن بلغت تقاليد فن عصر النهضة ذروتها فى النسب والتشريح والمنظور والانسجام الكلى ؛ ظهر طراز فنى جديد تميز بالتململ من تلك المفاهيم ؛ وأخذت النزعة الذاتية للفنان بالسيطرة فى إنجاز الأعمال الفنية . وقد عرف هذا الطراز باسم ( النهجية Manierisme وظل مسيطرا على الفن الأوربى منذ نهاية عصر النهضة وحتى ظهور طراز ( الباروك Baruoque ) فى بدايات القرن السابع عشر ؛ هذا الفن الذى وصف بفن تزيين الكنائس والقصور وفن الطبقة البرجوازية ؛ وظل هذا الفن مسيطرا على الساحة الفنية حتى أواخر القرن الثامن عشر ؛ وقد تواكب ظهور هذا الطراز من الفن مع طراز أخر فى فرنسا أطلق عليه اسم
( الروكوكو - Rococo ) .
" وقد كان محور فن الروكوكو وقوامه الأساسى هو تصوير حياة الملوك والنبلاء وتصوير المواضيع الجميلة ذات الحوارى والغيد الحسان
** نشأة المدارس الفنية الحديثة والمذاهب المعاصرة .....
قبيل قيام الثورة الفرنسية ( 1789 م ) قام العالم الأثرى ( وينكلمان - Winkelman ) بكشف النقاب عن أثار الحضارة الرومانية القديمة فى المدينتين الإيطاليتين ( هيركولانيم ) ( 1737 م ) و ( بومبى ) ( 1748 م ) وعلى أثر هذا الاكتشاف قام العالم ( وينكلمان ) بدعوة الفنانين فى تلك الفترة إلى إحياء التراث اليونانى والرومانى القديم فى اعمالهم الفنية ؛ وإعادة بعث الحياة فيه من جديد ؛ وقد قام بعض الفنانين بتلبية هذا النداء فكان منهم ( رافائيل منجز ) و ( أنطونيا كانوفا ) و ( جاك لويس داقيد ) وقد أطلق على هذا الإتجاة الجديد فى الفن اسم ( الكلاسيكية الجديدة - New Classicism ) وأصبح الفنان ( جاك لويس دافيد ) رائدا لها فيما بعد ....
وبعد قيام الثورة الفرنسية وإعدام الملك لويس السادس عشر عام ( 1793 م ) فقد صاحب هذة الثورة تغيرات كثيرة على الصعيد الإجتماعى والسياسى والفكرى والأدبى ؛ وفى مجال الفن أيضا فقد تحول قصر اللوفر الذى كان مقرا للحكم فى العهد الملكى ليصبح متحفا للفنون الجميلة ذلك الأمر الذى كان له الأثر الكبير فى تطور الفنون الجميلة ونشرها بين عامة الشعب بعد أن كانت حكرا على الطبقات الحاكمة والإقطاعية .
ولما كانت الكلاسيكية الجديدة ماتزال متواضعة مقارنه مع الطراز الفنى السائد فى تلك الفترة ( الباروك - الروكوكو ) ؛ وبقدوم الثورة الفرنسية وماحملته من تغيرات عديدة على كافة الصعد فقد دفعت بالكلاسيكية الجديدة إلى الظهور بشكل قوى وواضح ؛ ويرجع السبب فى ذلك أن المفاهيم الجديدة التى حملتها الثورة لاتتناسب مع مفاهيم الطرز الفنية السائدة والتى كانت مسخرة لتجسيد حياة الملوك والطبقة الإقطاعية وتزيين قصورهم ؛ فمن هنا كان لابد من فن جديد يواكب الثورة ومفاهيمها وتطلعاتها ؛ حيث يقوم هذا الفن على استنهاض الهمم وتغيير الواقع وبعث الماضى الجديد ؛ فكانت المدرسة الكلاسيكية الجديدة بمثابة تحول طبيعى إلى الفنون القديمة تخضع العمل الفنى لتقاليد مستمدة من القيم والمثل الجمالية لحضارة اليونان والرومان ؛ وترى فى الفن اليونانى المثل الأعلى للجمال وتحترم القواعد الفنية التى التزمها الفنان اليونانى من وحدة وإيقاع وانسجام وتنسيق ونظام وتنوع ...