كتب تركي الدخيل في جريدة الوطن السعودية يوم السبت 19/11/1430هـ مقالاً بعنوان:
الحرب على الفنون
جاء فيه:
كل أمة لديها فنونها، حتى في إفريقيا، لديهم رقصاتهم الخاصة، ولديهم ميول نحو الفن أياً كان مستوى ذلك الفن من ناحية جودته أو رداءته، وخاصة بالنسبة للمتلقي.
في السابق-ولا أدري عن مدى استمرار هذه الظاهرة الآن- كان الطلاب يفرحون كثيراً بحصة "الفنية" لأنها كانت عبارة عن حصة فارغة، تقضى باللعب والعبث، ويمسك بزمامها من فرغ من الأساتذة. الكثير من المدارس لم تكن تضم مرسماً أو قاعة للتربية الفنية. لاحظوا أن اسمها تربية. مسكينة هذه التربية. كم نحملها أوزارنا!
بل بعض حصص الفنية كانت تكرّس للنصح ضد الفنون، وضد الإبداع في الرسم والتشكيل. كان الطلاب يعتبرون هذه الحصة أكثر متعة من حصة "البدنية" وهي الحصة التي تعنى بتحريك الجسم واللعب، وإحضار الملابس الرياضية، وكانت درجات الفنية كالحمى المستباح، بل هي ضمن الحصص الثانوية، فلم نسمع في تاريخ التعليم في السعودية عن راسب في الفنية، بل لم يكن للفنية امتحانات كما هو حال حصة الأناشيد أو العلوم والفقه.
كل أمة تعزف موسيقاها الروحية والتراثية عبر منتجاتها الفنية. ولعل انكفاء إدارات التعليم عن تطوير حصص الفنية، يجيء ضمن سياق ثقافي واجتماعي يحارب الفن ويرى في ممارسته لهوا وعبثا لا طائل من ورائه. فإذا رسم الطفل صورة لكلب طلبوا منه وضع خط على رقبة ذلك الكلب، أو ألزموه برسم كلب بلا وجه، حفاظاً على ما يظنون أنه يخدش العقيدة!
لم يكن الفن محارباً في المدارس لولا صيغة اجتماعية ضاغطة ترى أن في الرسم أو الفن التشكيلي عبارة عن مضاهاة لخلق الله، ربما أدت إلى الشرك بالله، فيجنح الابن أو البنت نحو السلامة من الرسم والاكتفاء بالمواد التي تحرص على التصويت والصراخ فترى الابن يفضل حصة الأناشيد وترديد: (لا تخافي لا تخافي نحن أبطال المطافي!) على التأمل في الرسوم الفنية، ودراسة مذاهب الفن التشكيلي ومدارسه وتطوره ونشأته.
أكثر المعلمين اتزاناً وتحضراً هو ذلك الذي يأمرهم بتقليب "الصلصال" في حصة الفنية، منتظراً جرس إعلان انتهاء الحصة بفارغ الصبر.
قلت: وإذا كان الأوائل يقولون: الحياة فن، فبإمكاننا أن نقول إن الفن هو أساس الحياة. انتهى


فما ردكم دام فضلكم
وما رأيكم دام عزكم
تحياتي