الخوف من المجهول فطرة إنسانية أصيلة أراد لها الخالق أن تكون إحدى مقومات الحياة وتكون بذلك دافعاً لهذا المخلوق الخائف أن يحاول دونما توقف فك ألغاز هذا الكون الكبير في رحلتة -الناجحة في أغلب الأحيان- للبحث عن تفسيرات للظواهر الكونية المحيطة بة والموثرة - بطريقة مباشرة أو غير مباشرة - علية بما تثير تلك الظواهر لدية من أحاسيس الخوف والفرح والمتعة والحب والإستمتاع وغرضة الرئيس هو السيطرة على الطبيعة وفي ذلك تبديد لخوفة.
أدرك الإنسان منذ البدء أنة لا يستطيع أن يحصل على مقومات الحياة الرئيسة - فضلاً عن الكمالية منها- بمفردة, وأيقن أنة جزء من كل وذلك الكل هو الجماعة الإنسانية البسيطة التي يعتبر هو فرداً مهماً فيها. وأدرك أن علية القيام بجزء من الأعمال التي من شأنها الحفاظ على هذة الجماعة في مهمتها الرئيسة - إلم تكن الوحيدة آنذاك- وهي البقاء.

كانت اعمال ومهمات الإنسان البدائي لها صبغة جماعية في كل شؤونه الحياتية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس, وبذلك برزت أهمية وسيلة الإتصال للجماعة فيما بينها البين. فكيف لإفرادها معرفة واجباتهم اليومية إذا فقد التواصل بينهم ؟ أصبح الهم الثاني للإنسان البدائي - بعد الأكل والشرب والمأوى- أن يجد طريقة يتواصل بها مع الآخرين وبحكم ميل الإنسان بطبيعتة إلى البساطة والبعد عن التعقيد فقد رأى أن أقرب شىء إلية وأبسطها تعاملاً هي الطبيعة ففيها مسكنة - الكهوف التي لم يبنيها- ومأكلة - النباتات التي لم يزرعها والحيوانات المتوحشة التي لم يربيها - ومشربة - مياة الجداول والأنهار التي لم يشقها - ولهذا فقد إعتقد أن الطبيعة ذاتها تملك العناصر الأولية للإتصال -وكان محقاً في إعتقادة- فإن كل ماعلى الأرض قد خلقة الله لخدمة ذلك الإنسان ففيها ومنها يستمد كل مبادىء العيش المادي من مأكل ومشرب ومسكن والمعنوي من تواصل وفكر وتطور ورقي. رأى الإنسان البدائي الكون الجميل من حولة فبدأ يدرك بعض المعاني الجديدة التي توحي بها المخلوقات من جمادات ونباتات وحيوانات وبدأ يستشف منها مفردات بصرية لتكون مصدراً لة في عملية التواصل مع أفراد الجماعة. وبدأت بذور التواصل الإنساني تنمو وكان ماء الحياة لتلك البذور هي الطبيعة وكان مرجع وقاموس الإنسان البدائي - زارع تلك البذور - هي ذاتها الطبيعة.
وعلى مبدأ ان الإنسان يميل بفطرته إلى البساطة وعدم التعقيد فقد أدرك أن من بين الحواس التي وهبة الله إياها ليدرك الكون من خلالها تكون حاسة البصر أبسطها إستعمالاً وأكثرها فاعلية وقدرة على التواصل (وهذة الحقيقة أيدتها الدراسات الحديثة حيث أن 80% من المعلومات التي يحصل عليها الإنسان السوي تكون من خلال حاسة البصر) وبإدراكة لهتين الحقيقتين, إكتشف اللإنسان البدائي أول معادلة للتواصل -إن جاز التعبير- وهي : [عناصر الطبيعة + نقل الخبرة البصرية من خلال المادة الفنية = تواصل].