أياً كان شعور الإنسان البدائي تجاة الطبيعة سواءً أكان مصدرة الخوف أوالفرح أوالمتعة أوالحب أوالإستمتاع - مع أننا نكاد نؤكد ان مصدرة كان الخوف ولا شىء آخر- إلا ان النتيجة واحدة وهي ماأراد هو الوصول إلية وهو التواصل. والتواصل -كما مر معنا سابقاً- كان مسألة مصيرية للإنسان البدائي ولم يكن مسألة كمالية ولذلك فلن يسمي إنسان الكهف لوحاتة الجدارية فناً - إذا ماإعتبرنا الفن ليس ضرورياً للبقاء المادي - بل يسميها سلاحاً مقدساً تساوي أهميتة أهمية المأكل والمشرب والمأوى ولن يكون لهذة المتطلبات الحياتية إستمرار لولا وجود ذلك السلاح المقدس. بزرع أول بذور التواصل البصري, وضع إنسان الكهف -مدركاً لذلك أو غير مدرك- أول مباديء وأسس الفنون البصرية للأجيال التالية. هنا يجب أن نؤكد على حقيقة غاية في الأهمية وهي أن الفنون عامة والفنون البصرية خاصة وكما كانت منذ البداية - أي منذ عصر الإنسان البدائي- عبارة عن عملية تجميعية توضيفية للعناصر الأساسية للفن البصري Artistic Combination ضمن قواعد وأسس فنية شبة متفق عليها وليست كما يعتقد الكثير انها عملية خلقية إبتداعية Artistic Creation , بمعنى أن الفنان عند العمل على مشروع فني فهو ببساطة يستخدم عناصر فنية طبيعية معينة وفق قواعد فنية طبيعية معينة للخروج بتكوين جديد يؤدي غرضاً معيناً حالة في ذلك حال الفيزيائي الذي يستعمل عناصر طبيعية مادية معينة وفق قوانين فيزيائية معينة - ثابتة الصحة - للخروج بإختراع جديد يؤدي وضيفة معينة. مسألة الخلق من لا شيء على مثال غير مسبوق هي صفة من صفات الخالق تعالى حيث أن للة أسماء تؤكد على هذا المعنى فهو الخالق والخلق في اللغة يعني الإنشاء والخالق هو الموجد للأشياء على غير مثال سابق, وهو المبدي أي المظهر للأكوان على غير مثال سابق, وهو البديع أي الموجد للأشياء بغير آلة ولا مادة ولا زمان ولا مكان. وليس لأي مخلوق تلك الصفات .
لهذا السبب فإن كل الخبرات والنتاجات الفنية للإنسان إنما هي محاولة لإعادة الترتيب لعناصر الطبيعة للخروج بتكوين فني جديد, فلا ولن يخرج أي نتاج فني عن هذة الحقيقة. لهذا يحق لنا أن نقول أن الطبيعة -والتي هي من خلق اللة سبحانة- هي أم كل الفنون على إختلاف أنواعها وأم الفنون البصرية غلى إختلاف مدارسها ومذاهبها.