بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
تحية طيبة لجميع زوار المنتدى ويسعدني أن أشارككم بموضوعي هذا ، وتعتبر هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى ، وسوف يكون موضوعي عن التربية الفنية للنقل ،وأرجو أن ينال رضاكم .. وسوف يكون الموضوع على جزئين في كل جزء نوضح جزء بسيط من هذا الموضوع .
بداية وقبل أن ندخل في صلب الموضوع أود أن أوجه شكري وتقديري لسعادة الدكتور / ناصر بن عبدالله المسعري رئيس اللجنة العلمية المختصة بتطوير منهج التربية الفنية والمهنية بوزارة التربية والتعليم في مملكتنا الغالية وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود فقد كان له الدور الكبير في فهمي لهذا الموضوع وإلمامي به وهو من أرشدنا للكتابة في هذا المنتدى ليعودنا على العطاء للآخرين بقدر ما نأخذ منهم فله مني خالص الشكر والتقدير.
من المعلوم أنه لا يوجد نظام تعليمي إلا ويحاول أن يربط بين ما يتعلمه أو يكتسبه الفرد من خبرات متنوعة داخل المدرسة بخارجها ، وهذا الاتجاه في التربية الفنية سمى "بالتعليم للنقل" أو "التعليم للحياة" ، كما أن هذا المفهوم ليس بجديد فهو موجود تقريبا من الستينات ولكنه بدأ الآن يأخذ بعداً تطبيقيا ، ومن تفريعاته ظهر المنهج التكاملي , هذا المفهوم (المنهج التكاملي) الذي أسيء فهمه في الأدبيات الموجودة في الوسط العربي, لأنه ترجم من المعنى الأجنبي بمعنى الضم أو الدمج فقالوا مثلا ندمج النصوص مع القواعد مع المطالعة ويكون لدينا منهج تكاملي وهكذا ، وهذا ليس بصحيح، ولكن هذا ما حصل ، المهم لا نريد الخوض في هذا المجال ، فمفهوم النقل هو ربط ما يُتعلَّم داخل المدرسة بخارجها لكي تكون هناك فائدة فيما يعلم ، ولكن كيف ندرِّس لكي تحصل الفائدة ، وهل هناك روابط تتبعها معلمة التربية الفنية لكي يحصل مثل هذا النقل ، لأنه ليس لدينا ضمان بأن ما ستتعلمه الطالبة داخل المدرسة هو ما ستنقله أو ستطبقه في الواقع خارج المدرسة ، إذاً في البداية يجب أن نفهم معنى التعليم للنقل ؟ وما هي أنواعه ؟ وكيف يمكن تحقيقها في دروس التربية الفنية ؟
التعليم للنقل هو ربط ما تتعلمه الطالبة داخل المدرسة بخارجها ، وهو حالة من حالات السلوك النفسي الذي تمر بها الطالبة وتشعر فيها بالربط بأن تربط بين ظاهرة وظاهرة ومعرفة و معرفة ، ولكي يتضح هذا المفهوم نقرب ذلك بالمثال التالي :
عندما تعطي المعلمة درس الألوان المنسجمة والمتنافرة للطالبة في حصة التربية الفنية داخل المدرسة ، (أين يمكن أن يكون ذلك في المنزل ) عند ذهاب الطالبة للمنزل ودخولها مع والدتها في المطبخ وعند مشاهدتها لوالدتها وهي تنسق طبقا من الفاكهة وكما هو معروف فإن الفاكهة متعددة الألوان ، فعندما تربط الطالبة ذهنيا بينها وبين نفسها بين ما تعلمته عن الألوان المنسجمة والمتنافرة وبين تنسيق أو تنافر ألوان الفاكهة في الطبق فهنا يكون النقل أو الربط ومثل هذا النقل حدث بدون تعمد من قبل المعلمة، بل حدث نتيجة الظروف الاجتماعية والنفسية التي مرت بها الطالبة .
ومثل هذا النقل غالباً ما يبدأ في العقل اللاواعي وبعد الجهود التي تتعمدها المعلمة تظهر من العقل اللاواعي إلى العقل الواعي ، ونحن كتربويون علينا أن ندور الدوائر ونوجد المواقف لحصول مثل هذه الفائدة .
أما بالنسبة لأنواع النقل فهو ثلاثة أنواع وسنشرح في هذا الجزء مفهوم النقل البسيط .
النقل البسيط : هو استخدام المعارف المجردة وتطبيقها ، بمعنى نقل المعارف المكتسبة إلى واقع عملي في نفس الظروف والاشتراطات والحيثيات وهو نقل النظرية إلى حيز التطبيق .
وأبسط مثال على النقل البسيط عندما أعلم الطالبة أن دمج اللون الأزرق مع اللون الأصفر ينتج لنا اللون الأخضر في دروس التربية الفنية ، فعندما تطبق الطالبة ذلك في الواقع بحيث تأخذ اللونين (الأزرق + الأصفر) وتدمجهما وتستخرج اللون (الأخضر) فإنه يكون هنا نقل بسيط بحيث استخدمت المعلومات المجردة المكتسبة ونقلتها لحيز التطبيق.
ولكن من الملاحظ في دروس التربية الفنية غالباً ما تعجز الطالبة عن النقل البسيط ! قد نتساءل لماذا ؟؟
فقد أقول للطالبة مثلا في المرحلة الابتدائية أرسمي شجرة وقد لا تستطيع هذه الطالبة الرسم وذلك يعود لمجموعة من الأسباب التي تؤدي لعدم مقدرتها على ذلك والتي منها ما يلي:
- قد تكون الطالبة لا تمتلك القدرة على التخيل .
- فشل رؤية التشابه بين الظرفين .
- قد تكون الطالبة هي العائق كأن تكون مثلاً لا ترى جيداً أو خجولة أو خائفة .
- انعدام التعزيز للطالبة لكي تحدث مثل هذا النقل .
- قد يكون الدرس لم يعطى أو يؤدى بطريقة صحيحة .
- غياب الوسيلة التعليمية التي تسهم وتساعد بشكل كبير في إحداث النقل البسيط.
- قد لا تعطى الطالبة الوقت الكافي للتدرب.
- تعقد ظروف النقل إلى البيئة الأخرى.
- قد يكون محتوى الدرس غير محدث ولم يوضح للطالبة كيفية الرسم .
- كذلك المعلمة نفسها قد تكون عائقا في عدم حدوث النقل البسيط فقد تطلب منها رسم شجرة في الخريف في حين أن الطالبة لم ترى الخريف في بيئتها ولم ترى كيف تكون الشجرة في هذا الفصل .
[ فالمعلمة يمكن أن تعلم الطالبة كل شيء ، فهي الركيزة التي تستطيع إحداث التغير ، وهي التي تستطيع رفع فرص محفزات النقل ، فإذا كانت المعلمة تتعمد أن تأخذ النقل بكافة أنواعه في التربية الفنية على محمل الجد ، فإنها تستطيع بقدرتها وحصافتها معرفة حياة الطالبة خارج المدرسة الأمر الذي يساعدها على استعمال وسائل تحفيزية لكي يحدث النقل بشتى صوره في حياة الطالبة سواء كان هذا النقل الآن أي في نفس الوقت أو بعد سنة أو بعد خمس سنين أو أكثر, حتى أن العقل لاشعوريا يستفيد من المعرفة المكتسبة في دروس التربية الفنية ، فمن منا لا يستخدم الإرشادات الخاصة بمسك الفرشاة وطريقة التلوين التي وجهتها لنا المعلمة في دروس التربية الفنية أثناء دراستنا للمادة .
فالنقل البسيط , تستطيع الطالبة فيه الربط بين قطعة معرفية وظرف استفادة قد يكون بشكل تطبيقي أو قراءة ظاهرة معينة .
وهناك ربط بسيط آخر هو ( الربط الأفقي ) ويكون بين جزئية من مادة تعليمية و جزئية من مادة تعليمية أخرى ، فلا نقدر أن نربط مادة بمادة بل جزئية من هذه وجزئية من هذه ، وهذا طبعا يخطط له ويجهز له ،وهذا ما يسمى بالمنهج التكاملي ، فالتكاملية بمعنى التآزر أي تتكامل المواد مع بعضها البعض لتوجد معرفة من روح ونوع آخر، والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها : عندما أعلم الطالبة طرق التشكيل بالصلصال ، وأعطيها مفهوم الصلصال باللغة الانجليزية فأنا أربط جزئية من مادة التربية الفنية بجزئية من مادة اللغة الإنجليزية ، كذلك الحال عندما أعرف الطالبة بان الصلصال يتكون من سليكات الأمونيوم فأنا أربط بين جزئية من مادة التربية الفنية بجزئية من مادة الكيمياء ويقاس على ذلك أمثلة كثيرة .
عذرا للإطالة , وسأتوقف عند هذا الحد على أمل اللقاء بكم مرة أخرى مع الجزء الثاني من التربية الفنية للنقل . وآمل الإستفادة من الموضوع في تدريس التربية الفنية.
ولكم مني أجمل تحية ... أختكم / هبووبه