منذ طفولته عشق ضياء عزيز ضياء الفن متأثراً بوالدته التي كانت ترسم بالألوان الزيتية لوحات زخرفية لتزيين بيوت المخدات والمفارش المنتشرة في مواقع مختلفة من البيت، وبأبيه الأديب المعروف عزيز ضياء، الذي شجعه معنوياً ودفعه في طريق التذوق الفني في مختلف مجالاته، وضياء ولد في القاهرة 28نوفمبر 1947م. وتعلم العزف على آلة الكمان والعود وهو في الثامنة من عمره، وغنى للأطفال عددا من الأغاني التي كتبها والده وأذاعتها الإذاعة السعودية عبر برامج الأطفال، ثم في سنة 1380ه 1960م بدأ رحلة فن الرسم فقلد كبار الفنانين أمثال ((TITIAN و(INGRES) وغيرهم ثم هجر التقليد وبدأ الرسم متأثراً بالبيئة المحيطة به وبالأحداث الهامة التي تغمر حياة الإنسان عامة فرسم لوحة (تحرير العبيد) سنة 1383ه 1963م على إثر مرسوم ملكي أصدره جلالة الملك فيصل رحمه الله يقضي بإلغاء الرق، وأهداها إلى جلالته، فكان لتشجيعه المعنوي والمادي أثر عميق في مسيرة حياته الفنية. ومثل ضياء المملكة العربية السعودية في معرض الكويت الثالث للفنانين التشكيليين العرب سنة 1973م.مثل المملكة في معرض (لحظة سلام) بباريس، سنة 1985م. وفي معرض الكويت الحادي عشر للفنانين التشكيليين ا
لعرب سنة 1989م.وحاز ضياء على الجائزة الأولى لتصميم شعار (شركة السلام للطائرات) بالرياض في نوفمبر 1988م.حاز على الجائزة الأولى لتصميم شعار (أمانة مدينة جدة) بجدة سنة 1991م. وكرم بجائزة المفتاحة 1421ه - 2000م من قبل الأمير خالد الفيصل (تكريم الرواد).كما شارك ضياء عزيز في معرض الفنانين الإسلاميين المعاصرين الذي أقيم في الأردن / أكتوبر 1988م ولندن 1989م وعدد من الدول العربية والإسلامية والغربية.
ومن انجازاته الفنية : تصميمه (بوابة مكة المكرمة) 152* 31متراً / طريق جدة مكة السريع / سنة 1979م.وقام ايضا بنحت مجسم (النادي الأهلي الرياضي) 6.7* 1.75رخام BIANCO P شارع التحلية جدة سنة 1985م.وقام ضياء ايضا بنحت مجسم (حلم الإنسان) مايو 1981م. ثم قام بتنفيذه من قطع غيار الطائرات سنة 1993م بارتفاع 15.5متراً / أمام مبنى الخطوط السعودية بالخالدية بجدة. وضياء صمم ونفذ (RELIEF ) واجهة مبنى الخطوط السعودية بالخالدية بجدة / 13* 13متراً ((PRECAST سنة 1993م. وصمم (هدايا الذكرى الذهبية) بمناسبة مرور خمسين عاماً على إنشاء الخطوط السعودية، سنة 1995م. وقام بتصميم (كأس الأمير سلطان) بمناسبة المهرجان الرياضي / الذكرى الذهبية للخطوط السعودية. سنة 1995م. كما قام بنحت مجسم (السلام) برونز 2.5* 4.5متراً / لمعرض فروسية بالرياض. ونحت ضياء ايضا مجسم (أرض الأصالة) برونز 1.45* 1.70متر.سنة 1998م، وقام بتصميم وتنفيذ الواجهات المطلة على ساحة مطار الطائف 15* 40متراً / خشب وكروم سنة 1976م..وقام بتصميم (RELIEF) واجهة مطار الرياض / 12* 6امتار / خشب وكروم. سنة 1976م.
@ هناك من يعتقد بغزارة إنتاجنا من الفن التشكيلي المحلي بينما تخشى كفنان أن تعاني من فقر في المستقبل، باعتبارك أحد رواد تشكيلينا المحلي لماذا يتجسد تصور من هذا النوع تجاه مستقبلك؟
في بداية دخولي مجال التشكيل كنت أعمل على تنفيذ أي موضوع يخطر ببالي وأبدأ في رسمه، وكنت أرى أن الموهوب كلما يرسم أكثر ويتابع تنفيذه لأفكاره على أرض الواقع ويدخل إلى مجالات متعددة يكتسب مهارة عالية ولكن ذلك تبدل حسب نضجي الفني ونظرتي لأعمالي. وأنا ممن لا يحبذ تكرار أفكاره.في نفس الموضوع هذا شيء والشيء الآخر أنني كتشكيلي بت أفضل أمرا عن غيره بمعنى أنه لم يعد أي موضوع يثير اهتمامي وليس شرطا أن يصلح للمجال المرئي. ويظل بذلك التشكيلي في حالة من التحرز والحذر التمحيص لما يتناسب ونضجه الفني ومالايتناسب وإياه.وينتقي أكثرمما ينبغي له ربما..وناحية أخرى تتعلق بالمستقبل وبتقدم عمر الفنان وما يترتب على ذلك من مرض أو خرف وما يمكن أن يتعلق منها بإحدى أدوات التنفيذ مثل مرض في اليد. او البصر.
@ ألا تعتقد أن مرحلة من هذا النمط لها علاقة بمراحل العمر.. بحاجة إلى تجسيدها؟.
- من الممكن ذلك. وأنا في مجالي التشكيلي اعطي أهمية عظمى للموضوع الذي أتناوله وأنفذه في عملي الفني.
وفي كثير من المدارس الفنية الأخرى يأتي الموضوع بعد بداية العمل ولايكون بذات الأهمية التي ينال القدر الأكبر منها التشكيل.
من توازن الصورة والخطوط فيها التناغم اللوني الكتلي....الخ ،،
وهناك كثير من الأعمال بلا موضوع أو عنوان ولايمكن تفسيرها بشكل منطقي. إنما تكون عبارة عن لوحة تشكيلية فنية فقط.
@ أشرت إلى مسألة العنوان. هل تقصد العنوان اللغوي البحت أو العنوان الفكري وما يندرج تحت هوية العمل الفني داخل إطاره؟.
- هوية اللوحة هي ما أعنيه بالضبط. فهي في نظري مسألة مهمة جدا لأنه من المفترض أن يكون كل عمل فني إبداعي قائما بذاته. وفيه حياة تتعامل من خلال موضوعه مع المتلقي وتفرض نفسها
وكلما كانت اللوحة قوية كلما ترسخت في الذاكرة ومن اللوحات ما لا ينتسى أو ينتزع من تاريخ ذاكرتنا، ومن الأعمال الفنية ما يمر وينتهي بعد الخروج من صالة عرضه أو مسرح رؤيته.
@ تزخر أعمالك التشكيلية بتعدد تقني. كيف تجمع بين هذه المدارس التشكيلية فلا نستطيع تصنيفها تحت مدرسة فنية بذاتها؟.
- أجتهد ألا يكون عملي واقعيا بحتا كالفوتوغرافيا، لأنني بهذا الأسلوب أكون قد أعدت إنتاج عمل تم قبل ذلك بواسطة الكاميرا مثلا. وأنا أرغب في صياغة عمل مشبع بإحساسي وبرؤيتي ولكن لا يعني ذلك أن أستغني عن الملموسات التي نعيشها ونعاصرها في حياتنا. ولست ممن يستسيغ القيام بأعمال لا صدى لها في الواقع. وهوما يدعوني إلى التأكيد على أنني مع واقعيتي أحب أن أكون متحررا في تناولي للظل واللون والضوء ولكنه تناول في حدود المنطق لأنني لو خرجت أكون قد اتجهت إلى مدرسة أخرى مغايرة. فأعتقد أن محاولاتي في التجريب داخل العمل الفني تتميز بالواقعية بشكل واضح وهي واقعية الموضوع متحررة الأسلوب لتأسيس اختلافها التاريخي والفكري ما يبعث في نفسي الرضا عن عملي الفني الذي قمت به. ولأصدقك القول فقد قمت بمحاولات للخروج بالعمل إلى حرية بدون قيود ولكن أعمالي لم تنجح في هذا الإطار من وجهة نظري ولذلك لم أعرضها لأنني لم أكن أحس بها بما يكفي من قناعتي بها وكانت تجارب فحسب والعمل الفني يجب أن يتجاوز مسألة الاعتقاد بضرورة اللحاق بحداثة الأسلوب والتجديد الذي قد لايروقني التأمل به وإن راقني تأمله في أعمال سواي. وهدفي أن أستمتع بما أقوم به من عمل وإلا فما جد
وى ما أقوم به إذا لم يحقق لي الرضا.
@ أغيابك عن الساحة المحلية حالياً بسبب ما يسود من حداثة تشكيلية غير مقنعة لك؟.
- لم يكن ذلك غيابا. وإن كان هذا ما يرى أو يتصور عني. والحقيقة إنني لست ممن يركضون وراء الإعلام وهو ما لا يجدي نفعا للفنان. بالنسبة لي أفضل أن يظهر عملي للمتلقي على مراحل مدروسة تثبت حضوري، وهومايصنع به المتلقي أسئلته عن الفن والفنان الغائب وإن كان عمله حاضرا لا يغيب.أحب الظهور الجديد. فلست مطربا أو لاعب كرة.ولست ممن يحبون الظهور كثيرا.
@ بناء لما تتخيله، هل يأتي عملك الفني مطابقا أم مغايرا عندما يكتمل؟
- قبل ان أبدأ العمل الفني لابد ان اكون قد تخيلته في كل الأساليب فالفكرة العامة هي التي تجعلني انفعل واتحمس لتنفيذها وأثناء العمل قد تطرأ بعض التغييرات والتحسينات. والعمل نفسه خلال التنفيذ يولد رؤى لم تكن خطرت قبل او عند تنفيذ العمل أو في بداية تنفيذ الفكرة وولادتها.
@ تصاب بالدهشة أحياناً من عمل نفذته؟ وبماذا تفسر ذلك؟
- بعض الأعمال تصيبني بالخفقان في مرحلة من مراحل تعاملي معها. وكثيراً ما يحدث ذلك والعمل لم يكتمل بعد بل وفي بعض الأحيان في بدايته، وينتج عن ذلك الخوف من لمس العمل فقد يكون في ذلك تخريب له أو إفساده، فيصبح من الصعب اكمال العمل وانهائه مع المحافظة على تلك اللحظة.. لحظة الاندماج الوجداني.. والتواصل الحسي.. لحظة أن خفق قلبي.
فكثيراً ما يكون من الأفضل للفنان أن يجعل تلك اللحظة هي لحظة إنهائه للعمل، فهي اللحظة التي بلغت اللوحة أقصى المستوى الفني. وأي إضافات بعد ذلك من الممكن أن تهبط بهذا المستوى.
@ هل لذلك الأمر علاقة بوعي الفنان وبالمرحلة الجديدة التي يعيشها؟
- أعتقد أن ذلك متصل بهبة الفنان ولحظات اللاوعي التي يعيشها عند ابداع عمل فني.
@ ما الذي تحرص منذ طفولتك الفنية وحتى الآن ان يكون حاضراً في أسلوبك الفني؟ ولماذا؟
- العنصر الذي أحرص على حضوره في لوحتي هو الإنسان وأغلب أعمالي التي أعتبرها ناجحة كان المحور فيها هو العنصر الإنساني بالرغم من أنني أفكر الآن أكثر من ذي قبل في رسم الطبيعة بدون الإنسان. وهي مجرد فكرة تخطر في بالي أن اسافر إلى الطبيعة وأرسمها.
@ لماذا يصعب تنفيذ تجربتك في رسم الطبيعة وجهاً لوجه؟.
- انها مسألة ليست بالسهوله المتخيلة بل تحتاج إلى إمكانيات منها الجو المناسب فمن الصعب علي كفنان محلي أن أمارس هذا المشروع مع صيفنا الحار لأن رسم الطبيعة يحتاج إلى خروج وتعايش مع الطبيعة ومن ناحية آخرى يحتاج هذا الموضوع إلى الأذن بتنفيذه من المسئولين في مختلف أنحاء المملكة وأمر ثالث هو تقبل اولئك الجماعات الذين يذهب الفنان لرسم طبيعة قريتهم أو مدينتهم لهذا النوع من النشاط. وليس لدي مانع للذهاب ومواجهة كل تلك العقبات مع قسوة الناس في تعاملهم مع هذا النوع من المشاريع لنظرتهم التقليدية التي لا تتقبل الفن غالبا.
@ أي الأمكنة محلياً - ثراءً للتشكيلي في نظرك؟
- الجنوب، إذا أردنا أن نرسم الطبيعة التي يتأثر فيها الضوء بالغيم والارتفاع وبطبيعة الأرض الخضراء ذات الأشجار المتنوعة التي تؤثر على نوعية الإضاءة الصادرة من الشمس وتؤثر على جميع الألوان. ونوعية لون ضوء الشمس في تلك المنطقة يتفرد عن ما عداها ويختلف في الجنوب عن الصحراء في الربع الخالي، والمنطقة المرتفعة في الجنوب تختلف عنها في الشمال. وعموماً فلكل منطقة من مناطقنا المحلية جمالها المختلف.
@ رسمت لوالدك الأديب الكبير عزيز ضياء عملا فنياً حياً كما هو عزيز ضياء في ذاكرة الأدب والصحافة السعودية قبل وفاته بكثير فماذا رسمت له بعد وفاته؟
- رسمت لأبي (اسكتشا) وهو على فراش المرض وفي آخر أيامه ولم أفكر بعد حتى الآن أن أرسم أبي مرة أخرى في عمل جديد.لأنني أعتقد أنني وضعت في تلك اللوحة كل ما أحسست به بالنسبة للوالد يرحمه الله وهي لوحة ليست عادية كالبورتيه التقليدي الذي نشاهده في العالم. هي لوحة أظهرت أجزاء معينة من شخصية الوالد رأيتها ولمستها كمعان وتعابير. والتضاريس التي كانت في أجزاء ذلك الوجه تمثل شخصية الوالد التي أعرفها.
@إلى أي حد التقى الفنان (ضياء) مع الكاتب (عزيز) في عملك التشكيلي هذا؟
- التقائي بأبي في العمل كان التقاء الابن بالأب وليس الفنان بالكاتب. بلاشك إعجابي بأبي وبشخصيته أعتقد أنها ترجمت الشخصية في العمل الفني بشكل مرئي، وهذا شيء لم اصنعه أنا بل هو بتأثير الزمن والظروف الحياتية عبره، أعتقد أن شخصية الإنسان ومعاناته في الحياة تظهر على ملامحه. والسؤال: هل ملامح الإنسان تصنع شخصيته أو أن شخصيته تصنع ملامحه.
@ لسنا نرى لزوجتك ليلي بنت الأديب المعروف حمزة شحاتة أعمالاً مطروحة في الساحة وقد درست الفن.؟
- أعتقد أن ليلى كانت أيام الدراسة فنانة ناجحة جداً في عملها بشهادة أساتذتها. وكنت أعتقد أنها ستستمر في مزاولة التشكيل. ولكن بعد عودتنا من الخارج بحكم العمل الذي مارسته في إدارة التعليم لفترة من الزمن وظروف الحياة عامة لم تمارس الفن التشكيلي، لكنها في الحقيقة ناقدي الأول فبعد الانتهاء من عملي يهمني أن أستمع إلى ملاحظاتها وأفكر ملياً فيما تقول.

|491|