لوحات تشبه القصص وتحديات بالأبيض والأسود وأعمال من "الليف" و"الخيش"




أشار الفنان التشكيلي محمد الشهري إلى أن معرضه الشخصي الثاني الذي افتتح في صالة العالمية بجدة أخيرا برعاية الأديبة ليلى علي رضا شكل تحديا ذاتيا له باستخدام اللونين الأسود والأبيض فقط، وتوظيف خامات الخشب والحديد داخل العمل الفني، وأن الاتجاه الذي اتبعه شكل له تحديا جديدا باستعانته ببعض الرموز الإنسانية لمعاناة الشعب الفلسطيني كلوحة ضيفة شرف في المعرض، وكذلك بعض الشخوص الإنسانية للعروس ومراسم الزفاف، وبعض الشخوص الطفولية اللونية الكاريكاتورية للطفل الهادئ والمشاكس من خامة الليف, بمحاكاة وتوظيف الخامة والتحدي بالتعبير باللون الواحد، فتوظيف أداة واحدة يشكل فرقا لإظهار مدى قوة الفنان.
يقول الشهري "أمارس الفن التشكيلي منذ 12 عاما، جربت خلالها معظم الاتجاهات، فمعظم اللوحات عندي تحاكي الحس، وما أهدف إليه هو الإبحار داخل نفس المشاهد بطرح يثيره ولو لثوان، فذلك يعني أن اللوحة قد استوقفته وحركت إحساسا داخله"، وتحدث الشهري عن افتقاد التشكيلي السعودي الشاب للاهتمام والرعاية، وما يواجهه التشكيليون الشباب من تجاهل إعلامي، بالإضافة للتجاهل في المسابقات التشكيلية، وتكريم الرواد واستبعاد الشباب، ما يعني خسارة الساحة الفنية للكثير من الفنانين.
ويقول الناقد التشكيلي عبد الرحمن المغربي "الشهري لم يمكث كثيرا في الصياغة الشبيهة بالانطباعية، نظرا لتوجهاته الجديدة المغايرة والمتحفزة نحو الحداثة والمعاصرة، ورغم اتجاهه نحو التجريد أو الفن اللاشكلي، إلا أن ما يميزه هو ارتباطه بالبيئة المحلية وما تذخر به من مثير بصري بداية بخامة "الخيش" وبعض المستهلكات التي أعيدت صياغتها وتوظيفها توظيفا جماليا ينم عن حالة من الاندماج والمصاهرة لمعطيات التراث".
ويضيف المغربي "وانطلاقا من آخر مشاركة للشهري بمسابقة ملون السعودية السادسة، يلاحظ مدى التطور والنقلة النوعية في أسلوب الطرح على المستويين الثقافي والتقني، فتتسم مراحل التقدم بخبرة الصياغة والتركيب، حيث أصبح المنجز الفني عبارة عن أفكار متراكمة، ومساحات تتوزع على أنحاء العمل بعيدا عن الآلية السابقة، وكأننا نرى مجموعة من القصص التي بدورها تصل بالمتلقي إلى نهاية واحدة في قضية إنسانية أكثر نضارة وتألقا، نشاهد من خلالها ملمحا لبورتريه أو عناصر آدمية، لتتسم أعماله في معرضه الثاني بتعدد المساحات ومستوياتها ,مع الدراسة الواضحة والتحليل للون على السطح وتحقيق العمق والبعد عما هو سطحي وتقليدي".
ويقول التشكيلي رياض حمدون "وضع الفنان آخر مراحل مسيرته التجريبية التي بدأها في عملية من التطور النوعي المطرد في خوضه المتعمق حول الملابسات الحداثية وطغيانها على الأداء التشكيلي، فكرس جل اهتمامه لإعادة التنسيق والتوظيف لمكونات أعماله الفنية ليخرج بنتاج فكري وفني يوحي بتلك الطاقة الخلاقة في استحداث المرئيات، وكيفية صياغتها مطية الانطباع عن ذلك المخزون المتمرس الواعي بماهية الابتكار، وإذا تتبعنا المراحل الانفعالية ذات النمطية المنتظمة التي أدت بمجملها إلى تلك التصورات نجد أننا أمام مشهدية تتضح بها المعالم لتتكثف في كثير من الأحيان مفتقدة للمساحات المتسعة الأجواء، فتبني العلاقات المتلازمة لتكوين ذلك النسيج من الروابط ضمن إحاطات تأملية ذات حال إيجابي يكشف عن الفواصل والحدود في الأبعاد اللونية الشديدة التباين التي هي من الصعوبة بحيث تقود إلى مسارات مختلفة ومتعددة في التزامن والمعاصرة.

|563|