ظهرت علوم التربية الخاصة للموهوبين والاهتمام بمراحل نموهم العقلي، والجسدي، والانفعالي، حديثاً كعلم تربوي متخصص ومستقل عن باقي علوم التربية العامة في منتصف القرن التاسع عشر وتحديداً في أمريكا حيث حدثت ثورة فكرية جديدة في مجال التربية الخاصة للموهوبين. وكان الاهتمام بمؤشرات الموهبة موضوع رئيسي يساعد في التعرف على الموهوبين.
هذا وتبين أن الشخص البالغ يختلف عن الطفل الصغير في الوعي بمدى إدراكه لقدراته ومهاراته، وقد يخطئ البعض في تفسير بعض أنواع التفكير العميق والمعقد عند الموهوبين ويعتبرونه "ضرب من الجنون" كما يترجم البعض حدة مشاعر الموهوبين وعواطفهم بأنها تعكس عدم النضج الانفعالي لديهم, لأنه لم يسبق لهم التعرف على مهارات وقدرات الشخص الفائقة عن المعدل الطبيعي، وتحدث النتائج السلبية لعدم تفهم المجتمع لطبيعة الطفل الموهوب حيث يصبح عرضة للمشكلات التالية: (الإحباط, الغضب, لوم النفس, الشعور بالغربة, الشعور بالألم).
يأتي الشعور بالوحدة عند الموهوبين نتيجة الإحساس بالاختلاف وعدم تقدير الآخرين لهم، وفي بعض الأحيان يأتي دون سبب من داخل أنفسهم. ومع عدم تفهم الآخرين لقدراتهم فهم يحاولون إخفاء حقيقتهم والظهور بمظهر متجمل كاذب لا يعكس حقيقة ما يدور بداخلهم حتى يتجنبوا الرفض من جانب من يحيطون بهم. والشخص البالغ الموهوب مثله تماماً مثل الطفل الموهوب, لديه عقلية معقدة ورغبة ملتهبة للمعلومات، كذلك لديهم قدراً كبيراً من الطاقة والحساسية والحدة في المشاعر، ويتمتعون بخصوصية وتفرد كبيرين، كما لهم معايير قياسية قواعدها محكمة تصل إلي حد الصرامة للحكم علي أنفسهم وعلي غيرهم. يتمتعون باستقلالية وتفكير عقلاني، يميلون دائماً إلي ضبط النفس والسيطرة عليها، وفي بعض الأحيان يتأثرون بالغير، وتنتابهم حالات من الشك، ويشعرون بالحاجة إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي. غالباً ما يعمل هؤلاء الأشخاص بالوظائف التي تحتاج إلي المساعدة انطلاقاً من إحساسهم بتغير العالم من حولهم، والبعض الآخر منهم يشغلون الأعمال الحرة لأنها الخيار الأفضل لهم لتمتعهم بالوعي والتكامل أما في حياتهم الأسرية فيحاولون تطبيق نظرية "المدينة الفاضلة" أي الآباء المثاليون.
وتشير الأدبيات المتوافرة في هذا المجال إلى ارتباط اسم العالم الأمريكي (تيرمان) ارتباطاً كبيراً بعلوم الموهبة، وتعليم الموهوبين بصورة لم يسبقه إليها أحد، فقد كان رائداً في الدراسات والبحوث التي استهدفت تحديد وسائل التعرف على الموهوبين وتطوير أساليب التربية والتعليم الملائم لهم، ومنذ العقد الثالث من القرن العشرين وحتى الآن لايخلو كتاب أو بحث متخصص في مجال الموهبة من الإشارة إلى دور هذا العالم في تأسيس أبجديات التربية الخاصة للموهوبين في جميع الأعمار.
ومنذ ذلك الوقت بدأت الأبحاث في مجال تربية الموهوبين ومستويات الذكاء وبرامج الموهوبين تجذب اهتمام الدراسيين والعلماء, وكانت الولايات المتحدة الأمريكية سباقة في توجيه اهتمامها نحو العقول الصغيرة الموهوبة وتأسيس أصول التربية الخاصة للطفل الموهوب، بداية من السنوات الأولى من عمره، ووضع برامج ومناهج خاصة للكشف عن الموهوب، وتحديد خصائصه التي تعكس مستويات إبداعاته من خلال إخضاعه لاختبارات الذكاء وقياس التفكير الإبداعي.
ومع مرور السنوات أصبح الاهتمام بالطفل الموهوب من اختصاص الحكومات، بحيث تم رصد الأموال الخاصة لتربية الموهوبين والدراسات والبحوث، وذلك انطلاقاً من الإيمان بأهمية رعاية العقول الصغيرة العبقرية وقدرتها على الإبداع والتغيير، وبالتالي إسهامها في اختراعات جديدة تخدم البشرية.
وأثبتت الدراسات أن الموهبة الإنسانية لا يحدها زمان أو مكان, وبالتالي فهي بريق العقل البشري كلما توفرت الظروف المناسبة لتألق هذا البريق.
ويمكن اكتشاف الموهبة في أي مرحلة عمرية من حياة الفرد، إذا توفرت لها الشروط الملائمة التي تحفز الدافعية الإبداعية لديه، من خلال توفير البرامج الدراسية الخاصة والمناهج التي تسهم في تطوير ملكاته ومواهبه.
وتعد مرحلة المراهقة لدى الطفل الموهوب فترة فيصليه في حياته، لذلك قدم الكثير من الباحثين دراسات مستفيضة تركز عليها، لأنها أنسب مرحلة يمكن فيها قياس القدرات العقلية قياساً دقيقاً, ولأن القدرات تصبح أكثر تحديداً وأكثر نضجاً, و الفروق الفردية في هذه المرحلة تكون واضحة أكثر مما تبدو عليه في سن الطفولة المبكرة، في حين نجد صعوبة بالغة في تحديد الفروق العقلية في مرحلة الطفولة، هذا مقابل سهولة تحديد الفروقات في أواخر الطفولة والمراهقة والرشد.
مؤشرات الموهبة عند الراشدين
الموهوبون الكبار يشتركون في الصفات التالية بغض النظر عن اختلاف سنهم، أو جنسهم، أو أعمارهم، أو جنسياتهم أو حتى وظائفهم، ولنتعرف على الموهوب الكبير نطرح عليه الأسئلة التالية:
 هل تطلب وتبحث عن الكمال؟
 هل لديك قواعد أخلاقية تحكم تصرفاتك؟
 هل تميل إلي العدالة بجميع مفاهيمها ؟
 هل أنت حساس بدرجة كبيرة؟
 هل أنت حاد في التعبير عن مشاعرك؟
 هل أنت محب لروح الدعابة والمرح؟
 هل تتمتع بقدر كبير من الحس وبعد النظر؟
 هل أنت مولع بصناعة الكلمات، وهل أنت قارئ جيد؟
 هل أنت شغوف لمعرفة المشاكل وحلها؟
 هل تعشق التخيل؟
 هل تحب التحدي؟
 هل تشغلك العديد من الاهتمامات؟
 هل تحب الأفكار والخوض في نقاش مع الآخرين؟
 هل تفضل التأمل في بعض الأحيان؟
 هل تبحث عن معنى للحياة التي تعيش بداخلها؟
هذا و يمكن التعرف على سمات الموهوبين في السنوات الأولى من دراستهم، فهم يتعلمون بسهولة ويظهرون تحدٍ للمهمات التي يمارسونها، ولديهم سرعة عالية في الاستيعاب ويحتاجون لشرح أقل للموضوعات والمهارات الجديدة، ويظهرون رغبة وعفوية لمعرفة كل أنواع المسائل والاكتشاف والإطلاع، ويوصفون بأنهم مغرمون بالقراءة .
والسؤال الذي يطرح نفسه علينا هل هناك مواصفات خاصة بالموهوب الكبير تختلف عن خصائص الموهوب الصغير؟
نعم إن خصائص الموهبة لدى الكبار تختلف عن خصائص الموهبة لدى الصغار، ولا يمكن فصل هذه الخصائص عن مقومات الإبداع مثل القدرات العقلية (الذكاء) والجسدية والانفعالية، إضافة إلى الظروف المحيطة بتطورها.

المراجع:
 فتحي عبد الرحمن جروان. (1989م). الموهبة والتفوق والإبداع. تأليف فتحي عبدالرحمن جروان، الموهبة والتفوق والإبداع. العين : دار الكتاب الجامعي.
 unicef. (n.d.). Which skills are life skills? Retrieved 2008, from unicef:
http://www.unicef.org/lifeskills/index_whichskills.html
 خليل ميخائيل معوض.(2002م). قدرات وسمات الموهوبين. تأليف خليل ميخائيل معوض. الإسكندرية: مركز الإسكندرية للكتاب


المرجع
http://www.mawhiba.org/Articles/Pages/Details.aspx?str=207%2c46bc51e2-4c4b-451a-8688-21c444f8fdda%20