الفنان عبد الرحمن العجلان اسم اثبت تواجده في الساحة التشكيلية المحلية بثقة القادر على المنافسة والعطاء الصادق، فنان استطاع ان يزاوج بين ابداع اللون وبين ازميل النحت، يكشف من خلال ابداعه تمكنه من التعامل مع معطياته المعاصرة عبر ثقافة واسعة المكتسبات يتعامل معها بعين مدركة لمعنى الجمال وعقل يقدر ويكيف الاداء ليتوافق مع معطيات ومتطلبات الواقع التشكيلي الحديث،



هذا الفنان لم يتلق تعليما اكاديميا في مجال الفنون إلا انه حقق ما لم يحققه الكثير ممن حملوا مؤهلات متخصصة في الفن جعلها البعض اطارا لمحتوى ضعيف او مفقود، فنان مثقف يبحث بإلحاح عما يطور توجهه الابداعي ويسعى لتفعيل ادواته التقنية والثقافية دافعا من خلالها باعماله الى الواجهة بكل ثقة واقتدار.

مارس العمل الفني من خلال الخطوط والالوان عبر اللوحة، عالج بها الكتلة والفراغ الى ان وجد في مساحة قدراته امكانية ايجاد حلقة وصل مباشرة مع الكتلة الملموسة والفراغ في الفضاء فكانت له تجربته في النحت، قدم الفنان العجلان الكثير من الاعمال التي لامس فيها المتلقي الابعاد الفلسفية لدى الفنان العجلان فهو يستخرج مكامن الجمال من اعماق الكتلة في الحجر او في تشكيل الخامات الاخرى، ومن اجل التعرف على الكثير من تجربة الفنان العجلان كان للثقافية هذا الحديث معه.

* كانت بدايتك بحثا في مجالين ما بين التصوير الزيتي والنحت.. كيف بدأت تتضح لديك الرؤية حول النحت؟ وكيف تستطيع التوفيق بينه وبين الرسم الزيتي؟
أولا: بدايتي كانت بالتصوير الزيتي وخلال الفترة التي مضت منذ عام 1405هـ وبحكم أنني أبحث وأجرب بعض الخامات (الريلييف) وأطور أسلوبي بدأت معالم أعمالي تأخذ طابع التميز والانفراد الخاص بي ونظرا لكثرة قراءاتي في علم الجمال واطلاعي على بعض المعارض وزيارات بعض الفنانين بمراسمهم ظهرت لي اهتمامات أخري أهمها النحت وبحكم أنها خامة جديدة علي، وفيها جاذبيه بالإضافة إلى ذلك قلة الفنانين في هذا المجال وخاصة في المملكة طرقت هذا المجال برغبة، والدليل على ذلك بعد سنة من هذه التجربة حصلت على الجائزة الأولى بالمعرض المعاصر على مستوى المملكة بالنحت عام1423هـ حيث إن هناك ترابطا بين العناصر التي اعمل عليها في مجال التصوير الزيتي والنحت.

* في أعمالك الأخيرة في مجال النحت نقلة نوعية تحدث عنها الكثير من المتخصصين وأثنوا على كيفية معالجتك للكتلة والفراغ بأسلوب معاصر. من أين استقيت تلك الملامح؟
أي عمل ناجح يأخذ طابع التميز والانفراد لا بد أن يكون قد سبقته عدة تجارب استفدت منها ومع الاطلاع والقراءة يكون هناك تميز ونجاح مع تقبل وسماع الرأي الآخر والنقد الهادف من المختصين في هذا المجال.

* تتنوع لديك الخامات من أنواع الحجر إلى خامات أنت من يعدها قد يكون فيها سر المهنة لأننا نطمع في معرفة الكثير عنها؟
غالبا في مجال النحت اعمل على حجر الرياض وهذا الحجر فيه عدة مميزات عن غيره أهمها:
أ أن هناك ارتباطا بين هذا الحجر والمنطقة التي عشت بها حتى إن الارتباط الروحي مع الأرض فرض نفسه
ب سهولة هذا الحجر في العمل عن غيره من الخامات الأخرى
ج غناء المنطقة عموما بالتراث والجمال الذي لم يستغل ولم يوظف في مكانه حتى الآن بالإضافة إلى ذلك أعمال أخرى اعمل فيها حاليا وهي برادة الحديد بأنواعها المختلفة مع خامات أخرى احصل عليها عن طريق البحث والتجريب وبطريقتي الخاصة وبأسلوب حديث يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية وتعاليم الدين الإسلامي.

* يقول المختصون في النحت إن التعامل مع خامة الحجر أو ما يماثلها أمر صعب وخصوصا أن الفنان يتعامل معه بالحذف مما يعني عدم التراجع, كيف تتعامل مع الفكرة قبل التنفيذ؟
الفكرة لدي تأخذ اكبر وقت من تنفيذ العمل بالإضافة إلى تسجيل وعمل (سكتش) أو مسودةبعدت خيارات حتى اصل الى الموضوع أو الفكرة التي سعيت إليها قدر الإمكان بنجاح

* في لقاء مع احد الفنانين في مجال النحت قال: إن أهم ما يشغلني عند تنفيذي قطعة النحت هي الكتلة وكيف تصبح جزءا مكملا للفراغ وهو الفراغ الكبير عكس اللوحة ومحدودية مساحتها، ترى ما هذا القول؟
العمل الزيتي يحكمه إطار وينحصر هذا العمل داخل هذه المساحة الصغيرة بحيث لا يكون هناك غالبا رابط بين المساحة داخل اللوحة وخارجها. أما النحت فهو عمل جمالي مرتبط ارتباط كلي بجميع مساحات الفراغ والأبعاد دون تحديد أية مساحة أو إطار وهذا سر جماله الفني والشكلي.

* يجد بعض من يتعاملون مع النحت في الساحة المحلية أن شكل القطعة يتم اختياره بناء على ما يلتقط من الطبيعة ويبقى عليهم وضع لمسات يمكن أن نسميها (تنظيف) أو تلميع إلا أن في أعمالك ما يخالف هذا المقولة ففيها بناء متكامل وكأنك تهدم الشكل الأصلي وتعيد تشكيله بإيحاء جديد يعبر عن الفكرة. كيف تتعامل مع مرحل إنجاز أعمالك؟
أعمالي النحتية تحكي ما أفكر فيه واعمل من أجله حيث إن لدى فكر اطرحه وموضوع معين بحيث تأخذ جميع أعمالي موضوعا وأطوع فيها الخامة واجبرها بوسائلي المختلفة وما املكه من مهارات لتطويعها بحيث لا تقودني بل تنقاد إلي فكرتي وموضوعي رغما عن الخامة مهما كانت نوعيتها.

* كيف يمكن للفنان السعودي ان يستلهم المعطيات الجمالية والتراثية بأسلوب معاصر في أعماله؟
الفنان التشكيلي السعودي لديه القدرة والتميز عن غيره من الفنانين في جميع دول العالم لاطلاعه على جميع المعارض والنشاطات الدولية ومعرفته أساليب وطرق الفن الحديث والقراءة والتميز بالبحث الجاد في مجال تراثنا المحلي الجميل والغني برموزه وجماله مع تطوير هذه العناصر بما يتوافق مع معطيات العصر الحالي وهذا ما جعل اعمالي متميزة وتأخذ طابع التفرد في جميع المعارض.

* تنوعت تقنيات أعمالك بين التصوير الزيتي والنحت.. أين تجد نفسك في الاثنين؟ وكيف يمكنك الموائمة بين أفكار التقنيتين؟
أحاول بكل ما أملك من وسائل أن تكون شخصيتي في أعمالي النحتية والتصوير الزيتي لأن كل عمل مكمل للعمل الآخر واملك سر الخامتين ولكن الآخرين يجدون العجلان في النحت أكثر من التصوير الزيتي

* يبحث البعض عن نوع الحجر وما يرتبط به من قيمة مادية دون النظر لما يترتب عليه من صعوبة في التعامل وهناك من يرى أن الفكرة هي من يدفعه للخامة حجرا كان أو قطعة خشب أو غيرها. كيف ترى إبداعك بين الاختيارين؟
أولا: أنا لا أبحث عن المادة بأية وسيلة كانت بل أبحث عما يناسبني وينفذ الفكرة مع إبراز جمال الخامة الطبيعي لأن كل خامة مهما كانت نوعيتها فيها جمال وتبقى لمسات الفنان في الخامة الخاصة به هي الأهم والأميز.
______
*المصدر : www.al-jazirah.com.sa