بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

:

الحمد الله المنفرد باسمه الاسمى ، المختص بالعز الأحمى ، الذي ليس دونه منتهى ولاوراءه مرمى ، وسع كل شئ رحمة وعلما ، واسبغ على اوليائه نعما عُما ، تبارك اسمه ، وتمت كلمه ، وعمت نعمه ، وجمت حكمه ، وجرى بما كان ويكون قلمه ، واشهد ان سيدنا محمدا النبي الامي العربي الهاشمي القرشي عبده ورسوله، ارسله بدين الهدى ليظهره على سائر الاديان ، وايده بالقرآن المعجزة الخالدة المستمرة على تعاقب الازمان ، وضمن حفظه من تطرق التغيير اليه والحدثان ، صلى الله وسلم عليه صلاة تكون له رضا ، ولحقة اداء ، وكما هو اهله دائما وابدا ، وعلى آله الأطهار ، وصحابته الابرار ، والتابعين الاخيار ، وعلينا معهم وفيهم ووالدينا واوليائنا وجميع المسلمين آمين يارب العالمين .
اما بعد / كنت قد قدمت فيما سبق مبحثا عن تاريخ علم النحو ، ذلك العلم الذى كان نتاج العقلية العربيه المسلمة ، وهومايليق بلغتنا العربيه التى اكرمها الله بان انزل بها كتابه القرآن العظيم ، وانطق بها نبيه الكريم خاتم الانبياء والمرسلين ، ورحمة الله المهداة للعالمين . وقد نوهت في مبحثي ذاك الى ان هناك مواضيعا اخرى ذات صلة انوى ادراجها بصورة مستقلة ، ومنها هذا الموضوع الذي نحن بصدده الآن ، الا وهو موضوع تطور واطوار الكتابة الخطية العربية او الحرف العربي .
وقد قسمت مبحثي هذا الى عدد من المحاور هي :
- مقدمة
- اهمية الكتابة في الاسلام
- القسم الاول تطور الخط العربي بدءأ من صدر الاسلام
- القسم الثاني اشهر الخطوط العربية مع ترجمة لاشهر الخطاطين
- الخاتمة
ومن اهدافي لهذا البحث ان اضع مدخلا لتاريخ هذه الاطوار ، لابراز جهود من سلف ليطلع عليها الخلف ، دعما للغة القرآن في وجهه تيارات التغريب وثقافاته ، ومن ناحية اخرى ان يكون هذا المنتدى المبارك منتدى اهل السنة والجماعة كثر الله سوادهم هو السباق الى هكذامواضيع ، اذاننى لم يصل لعلمي وجود موضوع مشابه على الشبكة .
هذا وقد اعتزمت كذلك دعم هذا البحث بصور لوثائق تاريخية من شانها ان تزيد الافكار المطروحة اتضاحا وربما تشويقا .
اسال الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد ، وان يكون هذا خالصا لوجهه الكريم . والله من وراء القصد

يتبع انشاء الله
=============

اهمية الكتابة في الاسلام :

اشرق نور الاسلام بدعوة الحبيب المصطفى وبدد دياجير الشرك والظلم والتفرق والتمزق والنعرات فاصبح العرب بنعمة هذا الدين اخوانا ، وكان رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه يعد المسلمين لمواصلة الدور القيادي والريادي الذي اراده الله سبحانه وتعالى لهذه الامة التي هي خير امة اخرجت للناس ، وكما اشرق نور الاسلام في هذه الجوانب الهامة اشرق كذلك ليبدد ظلام الامية والجهل اللذين كانا سائدين .

001- العرب والكتابة ابان مبعث رسول الله :

عرف قليلون من العرب الكتابة قبل الاسلام وكان ذلك ارهاصا لمبعث محمد صلى الله عليه وسلم وتمهيدا لتسجيل الوحي المنزل عليه . غير ان العرب في مجموعهم
كانوا امة امية ، كما وصفهم القرآن الكريم :
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (الجمعة آية 2) ( 1 )

قال الطبري في تفسيره : يقول تعالى ذكره: الله الذي بعث في الأميين رسولاً منهم، فقوله هو كناية من اسم الله ، والأميون: هم العرب. وقد بيَّنا فيما مضى المعنى الذي من أجله قيل للأميّ أميّ. وبنحو الذي قلنا في الأميين في هذا الموضع قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قال: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ قال: العرب. (2)
وقال القرطبي في تفسيره : قال ابن عباس: الأميون العرب كلهم، من كتب منهم ومن لم يكتب، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب. وقيل : الأميون الذين لا يكتبون. وكذلك كانت قريش. ( 3 )
وقال الرازي في تفسيره: الأمي منسوب إلى أمة العرب، لما أنهم أمة أميون لا كتاب لهم، ولا يقرأون كتاباً ولا يكتبون. وقال ابن عباس: يريد الذين ليس لهم كتاب ولا نبي بعث فيهم، وقيل: الأميون الذين هم على ما خلقوا عليه وقد مر بيانه، وقرىء الأمين بحذف ياء النسب، كما قال تعالى: {رسولاً منهم} (المؤمنون: 32) يعني محمداً صلى الله عليه وسلم نسبه من نسبهم، وهو من جنسهم، كما قال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} (التوبة: 128) . ( 4 )

002- اول سورة في القرآن ترفع من مكان القرائة والتعلم :

لما اشرق نور الاسلام بدد ظلام الامية واعلى من شان الكتابة ورفع مكانة التعلم والقراءة ، ولا ا دل على ذلك من من ان اول سورة نزلت امرت بالقراءة واشادت بالقلم اداة الكتابة قال تعالى : أقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ أقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم} ( العلق : آية 1-5) ( 5 ) .
قال الطبري في تفسيره : وقوله: اقْرأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ يقول: اقرأ يا محمد وربك الأكرم الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ : خَلْقَه الكتاب والخط ، كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة اقْرأْ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ قرأ حتى بلغ عَلَّمَ بِالقَلَمِ قال: القلم: نعمة من الله عظيمة، لولا ذلك لم يقم، ولم يصلح عيش. ( 6 )
وقال القرطبي : هذه السورة أوّل ما نزل من القرآن؛ في قول معظم المفسرين. نزل بها جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو قائم على حِراء، فعلمه خمسَ آيات من هذه السورة. ( 7 )
ويقول ابن كثير : وأن من كرمه تعالى أن علم الإنسان مالم يعلم، فشرفه وكرمه بالعلم وهو القدر الذي امتاز به أبو البشرية آدم على الملائكة، والعلم تارة يكون في الأذهان، وتارة يكون في اللسان، وتارة يكون في الكتابة بالبنان ذهني ولفظي ورسمي والرسمي يستلزمهما من غير عكس، فلهذا قال: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ لاْكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَـنَ * مالَمْ يَعْلَمْ } وفي الأثر: قيدوا العلم بالكتابة، وفيه أيضاً: من عمل بما علم رزقه الله علم مالم يكن يعلم. ( 8 )
ويقول الرازي : أما قوله تعالى: {اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم} ففيه مسائل:
المسألة الأولى : قال بعضهم : اقرأ أولاً لنفسك، والثاني للتبليغ أو الأول للتعلم من جبريل والثاني للتعليم . أو اقرأ في صلاتك، والثاني خارج صلاتك.
الى ان قال : المسألة الخامسة: في قوله: {علم بالقلم} وجهان أحدهما: أن المراد من القلم الكتابة التي تعرف بها الأمور الغائبة، وجعل القلم كناية عنها والثاني: أن المراد علم الإنسان الكتاب بالقلم وكلا القولين متقارب، إذ المراد التنبيه على فضيلة الكتابة، يروى أن سليمان عليه السلام سأل عفريتاً عن الكلام، فقال: ريح لا يبقى، قال: فما قيده، قال: الكتابة، فالقلم صياد يصيد العلوم يبكي ويضحك، بركوعه تسجد الأنام، وبحركته تبقى العلوم على مر الليالي والأيام ( 9 )
واذن فهذه اول أيات نزلت على سيدنا محمد الرسول الامين صلى الله عليه وسلم تنبئه بالرسالة وتحمله مسئوليتها ، تصدع اول كلماتها بالقراءة وهي مفتاح التعليم ، وتنطق آياتها بتعليم الله عز وجل لعباده ما لم يعلموا ، وتذكر القلم وسيلة الكتابة وحفظ العلم ونقله ، وآلة التعبير عما يجول في الخواطر ( 10 )

003 – المولى جل جلاله يقسم بالقلم :

وتنزل السورة الثانية تقرع الاسماع بحرف من حروف الهجاء ، ويقسم فيها المولى سبحانه بالقلم تنبيها الى ماكانته ، وما يخطه القلم اجلالا وتشريفا للكتابة {ن واَلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} ( 11)
قال القرطبي : «وَالْقَلَمِ» أقسم بالقلم لما فيه من البيان كاللسان ؛ وهو واقع على كل قلم مما يَكتب به مَن في السماء ومَن في الأرض؛ ومنه قول أبي الفتح البُسْتيّ:


إذا أقسم الأبطال يوماً بسيفهم = وعَدُّوه مما يكسِبُ المجدَ والكَرَمْ
كَفَى قلم الكُتَّابِ عزًّا ورفعةً = مَدَى الدهرِ أن الله أقسم بالقلْم

وللشعراء في تفضيل القلم على السيف أبيات كثيرة؛ ما ذكرناه أعلاها. وقال ابن عباس: هذا قسم بالقلم الذي خلقه الله؛ فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة ( 12 )
وقال ابن كثير : وقوله تعالى: {وَالْقَلَمِ } الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به كقوله: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الاْكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَـنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فهو قسم منه تعالى وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم، ولهذا قال: {وَمَا يَسْطُرُونَ } ( 13 )
وقال الرازي : والقول الثاني: وهو أيضاً مروي عن ابن عباس واختيار الضحاك والحسن وقتادة أن النون هو الدواة، ومنه قول الشاعر:


ألقت النون بالدمع السجوم= إذا ما الشوق يرجع بي إليهم

فيكون هذا قسماً بالدواة والقلم ، فإن المنفعة بهما بسبب الكتابة عظيمة ، فإن التفاهم تارة يحصل بالنطق و(تارة) يتحرى بالكتابة ( 14) .
وفي تفسير الالوسي عن ترتيب نزول سورة القلم : سـورة القلـم هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة فقد نزلت على ما روى عن ابن عباس اقرأ باسم ربك ثم هذه ثم المزمل ثم المدثر وفي «البحر» أنها مكية بلا خلاف فيها بين أهل التأويل وفي الاتقان استثنى منها أنا بلوناهم إلى يعملون ومن فاصبر إلى الصالحين فإنه مدني حكاه السخاوي . ( 15 )


يتبع انشاء الله
===============
نكمل انشاء الله :

004 – فداء اسرى غزوة بدر قرار عظيم من نبي عظيم :

كان الانتصار الساحق في معركة بدر من اهم انتصارات الاسلام ، التى آذنت باندحار القوى المضادة ، وبروز قوة الاسلام الفتية في جزيرة العرب ، وكان من نتائج هذاالانتصار الساحق ان قتل في هذه المعركة كثيرا من صناديد المشركين ، واسر البعض الآخر ، وكانت بعدها بمفاوضات لافتداء الاسرى ماديا ، غير ان بعضا منهم لم يكن يتوفر لديه المال الكافي للفدية ، فماذا كان قرار المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
يقول السهيلي صاحب الروض الأنف :
وكان في الأسرى من يكتب ولم يكن في الأنصار أحد يحسن الكتابة فكان منهم من لا مال له فيقبل منه أن يعلم عشرة من الكتابة ويخلى سبيله فيومئذ تعلم الكتابة زيد بن ثابت في جماعة من غلمة (16)
وقال في السيرة الحلبية :
وعند ذلك بعثت قريش في فداء الأسارى وكان الفداء فيهم على قدر أموالهم وكان من أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف درهم إلى ألفين إلى ألف ومن لم يكن معه فداء أي وهو يحسن الكتابة دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم الكتابة فإذا تعلموا كان ذلك فداءه (17)
وقال في الطبقات الكبرى :
أسر رسول الله يوم بدر سبعين أسيرا وكان يفادي بهم على قدر أموالهم وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون فمن لم يكن له فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة فعلمهم فإذا حذقوا فهو فداؤه أخبرنا محمد بن الصباح أخبرنا شريك عن قريش عن عامر قال كان فداء أهل بدر أربعين أوقية أربعين أوقية فمن لم يكن عنده علم عشرة من المسلمين الكتابة فكان زيد بن ثابت ممن علم( 18)
ومثله يقول ابن كثير في البداية والنهاية:
عن ابن عباس قال كان ناس من الاسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء فجعل رسول الله فداءهم أن يعلموا أولاد الانصارالكتابة(19) .

ويقول السيدعبدالحي الكتاني في التراتيب الادارية :
في الروض الأنف للسيهلي في الكلام على غزوة بدر قال : كان من الأسارى يوم بدر من يكتب ولم يكن من الأنصار يومئذ أحد يحسن الكتابة فكان منهم من لا مال له فيقبل منه أن يعلم عشرة من الغلمان الكتابةويخلي سبيله فيومئذ تعلم الكتابة زيد بن ثابت في جماعة من غلمان الأنصار وفي المطالع النصرية في الأصول الخطية لأبي الوفاء نصر الهوريني المصري لم تكثر الكتابة العربية في المدينة إلا بعد الهجرة النبوية بأكثر من سنة وذلك أنه لما أسرت الأنصار سبعين رجلا من صناديد قريش وغيرهم في غزوة بدر السنة الثانية من الهجرة جعلوا على كل واحد من الأسرى فداء من المال وعلى كل من عجز عن الإفتداء بالمال أن يعلم الكتابة لغيره من صبيان المدينة فلا يطلقونهم إلا بعد تعليمهم فبذلك كثرت فيهم الكتابة وصارت تنتشر في كل ناحية فتحها الإسلام في حياته وبعده حتى بلغت عدة كتابه 42رجلا ،وذكر الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين نقلا عن ابن قتيبة أن العرب كانت تعظم قدر الخط وتعده من أجل نافع حتى قال عكرمة بلغ فداء أهل بدر أربعة آلاف حتى إن الرجل ليفادى على أنه يعلم الخط لما هو مستقر في نفوسهم من عظم خطره وظهور نفعه وأثره قال الله لنبيه اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم فوصف نفسه بأن علم القلم كما وصف نفسه بالكرم وعد ذلك من نعمه العظام ومن آياته الجسام حتى أقسم به في كتابه فقال ( ن والقلم ) فأقسم بالقلم وما يخط بالقلم وقد روي عن ابن عباس في قوله ايتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم قال يعني الخط وروي عن مجاهد في قوله تعالى يؤتي الحكمة من يشاء يعني الخط ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا يعني الخط ه بتقديم وتأخير(20 )

ويقول الاستاذ حسن سرى معلقا على ورود القلم في القرآن واحداث اسرى بدر : وتلقف المسلمون نداء الحق فأقبلوا على تعلم الكتابة والرسول يدفعهم الى ذلك دفعا ، ويعمل على تبديد سحائب الجهل ، وقد وجد صلوات الله وسلامه عليه فرصة سانحة بعد غزوة بدر حين وقع في الاسر ستون مشركا منهم عدد يتقن الكتابة والخط ، فكان يقبل الفدية من احدهم تعليم عشرة من اصحابة الكتابة مما يدل على ان العلم يقابل الحرية في نظر الرسول صلى الله عليه وسلم.ولما اقبل الصحابة رضوان الله عليهم على كتاب ربهم لم كتفوا بحفظه في الصدور، بل حرصوا على ان يكتبوه ويسجلوه ، لكان ذلك من اكبر العوامل التي ساعدت على انتشار الكتابة والخط عند العرب ، فتحولت الامة العربية من الامية الى العلم،ومن البداوة الى المدنية والحضارة.(21)

005 - إتخاذ الدار ينزلها القراء :

قال صاحب التراتيب الادارية : إتخاذ الدار ينزلها القراء ويستخرج منه إتخاذ المدارس ،ذكر أبو عمر بن عبد البر في باب العبادلة من الإستيعاب عبد الله بن أم مكتوم الأعمى القرشي العامري فقال نقلا عن الواقدي قدم المدينة مع مصعب بن عمير بعد بدر بيسير فنزل دار القراء ، في ترجمة ابن أم مكتوم من طبقات ابن سعد قدم المدينة مهاجرا بعد بدر بيسير فنزل دارالقراء وهي دار مخرمة بن نوفل(22 )

006 - اتخاذ المعلم المسلم :

قال ابن عبد البر في الاستيعاب : عبد الله بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف كان اسمه فى الجاهلية الحكم فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وأمره أن يعلم الكتابة بالمدينة وكان كاتبا محسنا قتل يوم بدر شهيدا وقيل بل قتل يوم مؤتة شهيدا وقال أبو معشر استشهد يوم اليمامة رضى الله عنه( 23 )
وقال في التحفة اللطيفة في تاريخ الميدنة الشريفة :
عبد الله بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي الأموي ابن أبي أحيحة وأحيحة اسم أمه ايضا وكان اسمه هو الحكم فغيره النبي إلى عبد الله وكان كاتبا فأمره أن يعلم الكتابة بالمدينة وقتل يوم اليمامة شهيدا وقيل يوم مؤته وقال الذهبي إنه الأكثر (24).

وقال صاحب التراتيب الادارية : في ذكر المعلم من الرجال المعلم المسلم :
ذكر ابن عبد البر في الإستيعاب من مطبعة الهند عبد الله بن سعيد بن العاص فقال أمره رسول الله أن يعلم الناس الكتابة بالمدينة وكان كاتبا محسناوفي سنن أبي داوود عن عبادة بن الصامت قال علمت ناسا من أهل الصفة الكتابة والقرآن(25 )


يتبع انشاء الله
===============

نكمل انشاء الله :


007 - ذكر المعلمة من النساء :

قال صاحب التراتيب الادارية : قال في الإستيعاب والإصابة : الشفاء أم سليمان بن أبي حتمة قال لها رسول الله علمي حفصة رقية النملة كما علمتها الكتابة خرج ذلك عنها أبو داوود عن الشفا قالت : دخل علي النبي وأنا عند حفصة فقال ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتها الكتابة قال الخطابي في معالم السنن : في هذا الحديث دليل على أن تعلم النساء الكتابة غير مكروه ، نقل كلام الخطابي المذكور وأقره جماعة منهم ابن طرخان في الأحكام النبوية ونحوه للأردبيلي في الأزهار شرح المصابيح وابن القيم في الهدى وغيرهما . وافاض صاحب التراتيب في مناقشة هذا الموضوع الى ان قال : وفي حواشي البدر الدماميني على البخاري على حديث ثلاثة لهم أجران رجل كانت عنده أمة يطأها فأدبها وأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها الحديث في باب تعليم الرجل أمته وأهله شرائع الدين لأن هذا الحديث ينسحب على تعليم الإماء فكيف بالحرائر والأقارب قاله ابن المنير ، وترجم البخاري عقب الترجمة السابقة باب عظة الإمام النساء وتعليمهن فذكر فيها قول ابن عباس أن المصطفى خرج ومعه بلال فظن أنه لم يسمع فوعظهن قال الدماميني : هذا أصل في حضور النساء المواعيد ومجالس الخير بشرط السلامة من الفتنة ، وفي الفجر الساطع على هذه الترجمة أي مطلوبية ذلك ونبه على أنه كما يطلب من الرجل أن يعلم أهله ، يطلب من الإمام أو نائبه أن يعلم النساء ، ثم بوب البخاري أيضا بعد ترجمتين بقوله باب هل يجعل للنساء يوما على حدة في العلم ، قال في الفجر الساطع : أي تعليمه وجواب هل ، محذوف تقديره : نعم يجعل لهن ذلك ، وفي شرح الطريقة المحمدية للعارف النابلسي وليس من التشبه المذموم دخول المرأة في شيء من طلب العلم وتعليمه وتربية المريدين فقد كانت عائشة تعبر العلوم وتورد الإشكالات على الفحول وقد استدركت على جماعة من الصحابة في كثير من الأحاديث فاستدركت على عمر وإبنه وأبي هريرة وابن عباس وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن الزبير وزيد وأبي الدرداء وأبي سعيد والبراء وفاطمة بنت قيس وغيرهم والف في ذلك جمع من العلماء آخرهم الحافظ السيوطي كتابه الإصابة فيما ستدركته عائشة على الصحابة وقال عروة ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام والعلم والشعر والطب من عائشة ، وقال مسروق لقد رأيت الصحابة يسألون عائشة عن الفرائض رواهما الحاكم و كذلك بقية أزواج النبي والنساء الصحابيات كأم سليم وأم الدرداء وفاطمة بنت قيس وسائر النساء الصالحات والعارفات كرابعة العدوية ورابعة الشامية وشعوانة فإنهم كانوا يأخذون العلم والأدب والزهد عنهن كما كانوا يحملونه عن الرجال كما يؤخذ ذلك من سيرهن المذكورة في كتب الحديث والتاريخ وقد ريء من إجتهادهن في العبادة وتدقيقهن في الورع ما عجزت عنه الرجال منه . انتهي بنصه ( 26)

08-المسجد مكان لتلقي العلم ونبذة عن كتابة القرآن والحديث :

روى ابن الاثير في كتابه " اسد الغابة " أن رسول الله قد بدأ إقامته بالمدينة ببناء مسجد جعله للتعليم ، وكلف عبدالله بن سعيد بن العاص وعبادة بن الصامت بتعليم الكتابة .( 27)
وقال في التراتيب الادراية في باب في كيفية تلقي الصحابة للعلم وأنه كان حلقا حلقا في المسجد النبوي :
وبوب الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد باب الجلوس عند العالم ثم قال عن قرة إن رسول الله كان اذا جلس جلس اليه اصحابه حلقا حلقا رواه البزار .....، وقد بوب البخاري في الصحيح باب الحلق والجلوس في المسجد اي جواز ذلك فيه لتعلم العلم وقراءة القرآن والذكر ونحو ذلك وإن استلزم ذلك استدبار بعضهم القبلة ....وقد عقد الامام اليوسي فصلا في قانونه ذكر فيه أصول طرق نشر العلم فقال أما التعليم بصورة التدريس فاصله ما كان يفعله في مجالسه مع اصحابه من تبيين الاحكام والحكم والحقائق وتفسير الآيات القرآنية وذكر فضائلها وخواصها وغير ذلك وهم في ذلك مجتمعون عليه فهذا تقرير وتبيين قال تعالى (لتبين للناس ما نزل اليهم ) وهذه حلقة العلم ولم تزل حلق العلم على العلماء كذلك .
واورد صاحب التراتيب في باب في وقوفه صلى الله عليه وآله وسلم على حلق العلم لاصحابه وجلوسه فيها معهم وايثارهم على حلق الذكر حديثا اتصل به سنده : عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله مر بمجلسين في مسجده فقال كلاهما خيرا واحدهما افضل من صاحبه اما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون اليه فان شاء اعطاهم وان شاء منعهم واما هؤلاء فيتعلمون الفقه والعلم ويعلمون الجاهل فهم افضل وانما بعثت معلما قال ثم جلس فيهم ، قلت هكذا اورده الحافظ الدارمي في مقدمة مسنده تحت باب فضل العلم والعالم . انتهى ( 28)
وقال في موضع آخر :
وفي الاكليل على قوله تعلى (علمها عند ربي ) اخرج ابن ابي حاتم عن ابي المليح قال : الناس يعيبون علينا الكتابة وقد قال تعلى (علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ) قال البلقيني هذا احسن استباط لكتابة الحديث والعلم ، وقال ابن الجوزي في تلبيس ابليس لما علم الشارع ان حفظ القرآن والسنة يصعب ، امر بكتابة المصحف وكتابة الحديث فاما القرآن فان رسول الله كان اذا نزلت عليه الاية دعا بالكاتب فاثبتها .
وكانوا يكتبونها في العسب والحجارة وعظم الكتف ، ثم جمع القرآن بعده في المصحف ابو بكر صونا عليه ، ثم نسخ من ذلك عثمان وبقية الصحابة وكل ذلك لحفظ القرآن لئلا يشذ منه شيء ، واما السنة فان النبي قصر الناس في بداية الاسلام على القرآن وقال لا تكتبوا عني سوى القرآن ، فلما كثرت الاحاديث ورأى قلة ضبطهم اذن لهم في الكتابة ثم ذكر قول المصطفى لابي هريرة في رواية لما شكا اليه قلة الحفظ استعن على حفظك بيمينك يعني الكتابة ثم ذكر حديث قيدوا العلم بالكتابة انظر بقيته فيه.(29)


يتبع انشاء الله
==============

009 - ديوان الانشاء وكُتـَّاب النبي صلى الله عليه وسلم :

في صبح الأعشى في الباب الرابع من المقدمة في التعريف بحقيقة ديوان الإنشاء وأصل وضعه في الإسلام بعد أن بين أن الديوان اسم الموضع الذي يجلس فيه الكتاب قال الفصل الثاني في أصل وضعه في الإسلام وتفرقه بعد ذلك في الممالك ما نصه اعلم أن هذا الديوان أول ديوان وضع في الإسلام وذلك أن النبي كان يكاتب أمراءه وأصحاب سراياه من الصحابة ويكاتبونه وكتب إلى من قرب من ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام وبعث إليهم رسله بكتبه وكتب لعمرو بن حزم عهدا حين وجهه إلى اليمن وكتب لتميم الداري وإخوته بإقطاع بالشام وكتب كتاب القضية بعقد الهدنة بينه وبين قريش عام الحديبية وكتب الأمانات أحيانا إلى غير ذلك مما سيأتي ذكره في الإستشهاد به في مواضع وهذه المكتوبات كلها متعلقها ديوان الإنشاء ( 30 )
وفي الإستيعاب والإصابة عن الواقدي : أول من كتب لرسول الله الوحي عند مقدمه المدينة أبي بن كعب ، وهو أول من كتب في آخر الكتاب وكتبه فلان ، وكان إذا لم يحضر دعا زيد بن ثابت فكتب ، وكان أبي وزيد يكتبان بين يديه ويكتبان كتبه للناس وما يقطع وغير ذلك قال أبو عمر كان من المواظبين على كتب الرسائل عبد الله بن الأرقم الزهري وذكر عن ابن إسحاق أنه قال كان زيد بن ثابت يكتب الوحي ويكتب إلى الملوك أيضا وكان إذا غاب عبد الله بن الأرقم وزيد بن ثابت واحتاج أن يكتب إلى أمراء الأجناد والملوك أو إلى إنسان بقطيعة أمر من حضر أن يكتب له والإقطاع كما في المشارق : تسويغ الإمام من مال الله لمن يراه أهلا لذلك ( 31)
ومن اشهر كتاب النبي صلى الله عليه وسلم من غير من ذكر اعلاه : علي بن ابي طالب وابوبكر وخالد بن سعيد بن العاص ، وحنظلة بن الربيع ، ويزيد بن ابي سفيان ، ومعاوية بن ابي سفيان ... وكان زيد من الزم الناس لذك ثم تلاه معاوية بعد الفتح فكانا ملازمين الكتابة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الوحي وغير ذلك (32)
وقد كتب زيد بن ثابت صحف القرآن بالخط المقور في خلافة ابي بكر الصديق رضي الله عنه وبامره وبإشارة من سيدناعمر بن الخطاب بعد مقتل بعض حفظة القرآن في اليمامة ، وكتب معه عبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام المصاحف الابعة الاملى التي ارسل سيدنا عثمان بن عفانم فيما بعد ثلاثة منها الى البصرة والكوفة واحتفظ بواحدة( 33)

010 – كُتَّاب السِر :

قال في التراتيب الادارية : باب في كتاب السر: قال المقريزي في الخطط : كتاب السر رتبة قديمة لها أصل في السنة فقد خرج ابو بكر عبد الله بن أبي داوود السجستاني في كتاب المصاحف عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله : إنها تأتيني كتب لا أحب أن يقرأها كل واحد فهل تستطيع أن تعلم كتاب العبرانية أو قال السريانية ؟؟
فقلت : نعم ، فتعلمتها في سبع عشرة ليلة ( 34)

لنا تتمة إن شاء الله .. مع هذا المبحث الرائع لأحد الباحثين المميزين .. !

كل الود