العناصر المشتقة

النقط

الخطوط
الاشكال

القيم السطحية
الفضاء والعمق

أولا : النقط
العناصر التي تشكل التصميم وتكسبه قوة هي النقط والخطوط والإشكال والقيم السطحية وهي جميعها تعمل داخل فضاء وقد سميناها عناصر شكلية لأنها قابله للتشكيل وهي مصدر هام للابتكار فتخرج عنها أشكال مجردة لا تعني موضوعا معينا معروفا للرائي يتميز بالسمات الفنية الخالصة وهي تسمى أحيانا السمات الهندسية بالرغم من عدم استعمال الأدوات الهندسية في رسمها أو تنشأ عنها أشكال تشخيصية لها دلالات متفق عليها تحتوى كثيرا من الصفات الفنية الخالصة .
ويجوز لنا إن نشبه هذه العناصر وما ينتج عنها من عمل فني بالمقادير المختلفة من المواد الغذائية التي تخلطها ربة البيت فتنتج منها طعاما شهيا . وفي ضوء هذا التشبيه السالف نجد أن الفنان يستطيع الجمع بين هذه العناصر بطرق ومقادير لا حصر لها فتعطينا نتائج فنية لا حصر لها أيضا فهي وسيلة الفنان للتعبير عن احساساته وقد استغلها الفنانون في تصميماتهم من زمن بعيد وسنعرض الآن بعض طرق معالجة هذه العناصر لنرى الاحتمالات التنظيمية التي يمكن إن تنشأ عنها ولنفسح إمامك فرصة تجربتها ودراستها .



النقط

الحقيقة إن النقط لا أبعاد لها من الناحية الهندسية ولكننا نستعملها في العمل الفني بأحجام خاصة فهذه نقطة سوداء على أرضية بيضاء تعبر عن نفسها بشكل مختلف في كل وضع يضعها فيه الفنان فهي تبدو صاعدة مرة وأخرى هابطة أو متحركة نحو الإطار وليست النقطة وحدها التي تبدو بشكل مختلف في كل وضع جديد وإنما الأرضية تتغير أيضا كما تتغير النقطة فتبدو الأرضية معلقة عندما تقيدها النقطة الموضوعة في الجزء العلوي من الأرضية وتبدو متأرجحة غير متزنة تماما عندما تكون النقطة في وسط أسفل المساحة أو تبدو مندفعة أو منجذبة إلى جانب من الجوانب الذي تغلب فيه مساحة هذه النقطة الداكنة ... حاول إن تجرب ذلك بإضافة عدد آخر من النقط إلى نفس الأرضية في مواضع مختلفة وستكتشف أن هناك نشاطا بين هذه النقط ستراها وكأنها تتلاطم أو تتوتر أو ينجذب بعضها للبعض الآخر ويبدو النقط الكبيرة أو الدوائر كأنها تلتهم الأخرى الصغيرة ، وقد تظهر النقط الصغيرة كأنها بازغة من الكبيرة وقد تبدو الدوائر وكأنها تطارد بعضها البعض الآخر أو يحمل بعضها بعضا في اتزان جميل أو كأنها تتدحرج كما يتدحرج البلى .. وسيثير انتباهنا إن نشاهد مثل هذه التنظيمات الفنية عندما تتحرك هذه النقط أمامنا ومن المستحسن أن يقص الطالب من الورق مجموعة كبيرة من الدوائر المختلفة الأحجام ويحاول في جلسة خاصة عمل تكوينات متنوعة منها على سطح أو جملة سطوح مختلفة فيرى عندئذ هذه التأثيرات الفنية التي أشرنا إليها وغيرها واضحة أمامه بدلا من إن يعتمد على مجرد قراءة كلامنا في هذا الكتاب وستعطيه هذه الدوائر المقصوصة من الورق فرصة سهلة للتنظيم ونقلها إلى مواضع مختلفة من السطح الموضوعة عليه يرى بعض العلماء الذين تناولوا التشكيل الفني إن الفنان يكاد يكون متأكدا من أثر النقط أو البقع في التصميم فيرى أن لها أثرا منوما ، أو مقيدا فقد دلت الأبحاث الحديثة المتعلقة بالطيران وصلته بادراك المرئيات إن الشكل الدائري ليس هو أحسن الأشكال التي يمكن إن تشكل به مبينا إن وجهات الأدوات والعدادات المختلفة الموجودة في الطائرة وذلك بسبب تأثيره المنومة والمقيد وقد أثبتت البحوث أيضا إن الإنسان يجهد العين لكي تنتقل من الشكل الدائري إلى شكل غيره بينما لا تجد العين نفس الصعوبة ولا تحتاج إلى نفس الجهد في الانتقال من الأشكال العمودية إلى غيرها فالطيار يستطيع بنظرة خاطفة متواصلة إن يرى كل محتويات شكل مستطيل ويستطيع بسهولة وسرعة إن يدرك الإبرة الشاذة عن الموضع العمودي الصحيح في اللوحات الموجودة أمامه .

وقد توجد النقط والنقط داخل الدوائر في أعمال الفن البدائي بكثرة مما يوحي بأنها أكثر الوحدات قوة وإلزاما التي يستغلها الإنسان لأغرض السحر ونجد في الطبيعة أمثلة عديدة لتنظيمات النقط منه تجمع عنقود العنب وثمار التوت والمسبحة التي استمد شكلها من تجمع البراعم على ساق النبات ومن تنظيم النقط على جناح الفراشة .وخلاصة القول أن النقط والدوائر هي ابسط عناصر التصميم فإذا ما أدرك إمكانيات استعملها فأنه لن يقوم فقط بعمل تصميمات جميلة بل سيسر من مشاهدتها في الطبيعة في فقاعات الصابون ومن تواجدها في الجبن وغيرها كما انه سيعمق إحساسه بالجمال لبعض الأعمال الفنية مثل تصوير جون ميرو وقطعة الموزيك المشهورة من الفن البيزنطي للإمبراطور تيودورا في رافنا .. ومن اجل إدراك ما تكنه النقط من احتمالات في التصميم يجد الفنان نفسه محتاجا لأن يتعامل معها في تجارب عديدة ليكشف بنفسه ما لهذا العنصر البسيط من مجالات متنوعة مختلفة بل ما يمكن عمله من هذا العنصر الصغير الغزير الفعال . وقد يكون ذلك بالطباعة باستعمال شرائح البطاطس أو ما شابهها من الخامات المعروفة ونورد في ما يلي بيانا بالاتجاهات المختلفة التي يمكن إن تؤدي إلى احتمالات فنية عند إجراء بعض التجارب باستخدام النقط والبقع وذلك للاسترشاد بها فحاول إن تجرب إنتاج عمل فني بسيط يعتمد على واحد أو كثر من الاتجاهات الآتية
- الاختلاف في حجم النقط

- الاختلاف في المسافات بين النقط

- تقسيم النقط تقسيما داخليا

- تشكيل النقط بتظليل جزء منها

- استخدام فكرة رسم خط فوق كتلة وفي هذه الحالة تكون الكتلة هي دائرة مصمطة

- غير الأرضية حول النقط بحيث تكون مرة غامقة عنها وأخرى افتح منها ( استخدام الفراغ الإيجابي والسلبي )

- قسم مساحة النقطة ثم لون نصفيها بقيم لونية معكوسة

- ادخل بعض النقط في البعض الآخر مستعملا الألوان الشفافة

- جزئ الدوائر إلى قطاعات ورتب هذه القطاعات
- جمع النقط على شكل عناقيد لإدراك الجاذبية والدفع بين أشكالها .

ثانيا الخطوط


للخطوط وظائف عديدة فهي تقسم الفراغ وتحدد الأشكال وتنشي الحركات وتجزأ المساحات ... عندما يستخدم الفنان الخطوط لتقسيم الفراغ فأنه يهتم بإيجاد فواصل ممتعة بينها فإذا ما انقسم الفراغ إلى أقسام متساوية أدركها العقل بسرعة وانصرف عنها لخلو شكلها مما يدعو لاستمرار التأمل وعلى العكس من ذلك إذا استحث الفنان نشاط عقل الرائي لبناء علاقة جمالية بين مساحة وأخرى فانه في هذه الحالة يرضيه بالمشاركة في هذه المشكلة الجمالية وهكذا نجد الفنان الممتاز - عندما يصمم قماشا من التيل مثلا - يعمل تصميمات تقسم مساحة القماش إلى أجزاء تفصلها حواجز خطية متنوعة يستمتع المشاهد بها .. للخطوط تأثير نفسي توحي به إلى الرائي فمن الملاحظ أن الخطوط التي تمتد راسيا من أسفل الإطار لأعلاه تبدو ثابتة فلا هي صاعدة ولا هابطة لأن حدود الإطار توقف حركتها إلى الاتجاهين فالعين تتبع الخط صاعدة إلى حافة الإطار ثم تتحرك أفقيا حوله حتى يلاقيها خط آخر يأخذها إلى أسفل مساحة التصميم مرة أخرى ... هذا مع العلم بأن الخطوط القصيرة المنظومة على شكل درج السلم والموضوعة بجانبي خط أطول منها تساعد في إظهاره بمظهر الحركة في اتجاه ما لأنها تزيد من أثر تحركه إلى أعلى قرب حافة التصميم العليا كما تساعد على إظهار حركة الهبوط عند الحافة السفلي أما الخطوط المنحنية فهي أقوى تأثيرا عندما ترسم محاذية لخط مستقيم فتستطيع العين حينئذ تقدير امتداد المنحى ومداه ولذا فنحن ندرك في الطبيعة منحنى ورقة الشجر بانجرافه عن استقامة خط العرق الأوسط وإذا جاز لنا إن نضع بعض القواعد في استخدام الخطوط لقلنا أن كل تصميم أساسه الخطوط المنحنية يتطلب خطا مستقيما يؤكده لأن التصميمات التي تقصر على الخطوط المنحنية توحي بشكل الديدان أو الأحشاء .. ويجدر بنا أن نذكر هنا سؤالا هاما هو ما الذي يجعل الخط المنحنى خطا جميلا ويجيب أحد الفنانين قائلا بأن الخط المنحنى يتصف بالجمال عندما يعبر عن مشاعر الشخص الذي يرسمه .. إننا نستمتع بالتنوع في الخطوط كما نحب التنوع في كل شيء آخر فهناك التباين بين الخطوط الرفيعة والخطوط السميكة وبين الخطوط المقوسة والمستقيمة .. وهناك الخطوط المنحنية وهي عبارة عن خط مقوس استقامة أحد طرفيه وهي تجمع بين ما نستمتع به في الخطوط المقوسة والمستقيمة .إن حياتنا مليئة بالأشكال الخطية ونحن نستمتع بها عندما نعيها ولكننا لا نستمتع بها استمتاعا كاملا إلا إذا بدأنا في استخدامها لخلق وحدات فنية من إنتاجنا الخاص يعتمد كثيرا على مهارتنا في معالجة الخطوط ... يعتقد بعض الناس أن الفنان شخص قادر على الرسم بمعني أنه ماهر في رسم الخطوط والأصح من وجهة نظرنا أن نقول أن الفنان الرسام هو الشخص القادر على ابتكار الأشكال وتنظيمها بطريقة معبرة لأن كثيرا من الناس يستطيع إن يرسم صورة مماثلة لشيء ما ولكنه لا يقدر أن يربط بين هذا الرسم وارضية خلفه أو بينه وبين الإطار المحيط به أو بينه وبين صورة شي آخر ، بينما نجد بعض الناس غير الماهرين في الرسم قادرين على تجميع الأشكال مع بعضها بشكل معبر مؤثر فيه كثير من القيم الفنية ...

ثالثا الأشكال

الأشكال أكثر تعقيدا من النقطة أو الخط المنفرد وهي على ما نعتقد أكثر العناصر التشكيلية أمتاعا وأهمية وتحديا لقدرة الفنن ونحن نعتبر الوحدات أو الهيئات في التصوير والرسم أشكالا ذات بعدين أما الأثاث والخزف والنحت مثلا فأشكال ذات أبعاد ثلاثة ... يمتلك آلاف من الناس القدرة على التشكيل أما بأيديهم أو استخدام الآلات ولكنهم غالبا ما يعتقدون في ذلك التشكيل على النقل من أمشق أو كتالوجات أو من أعمال فنية سابقة ولذلك فهم ينقلون الأشكال ولا يبتكرونها والأشكال المنقولة لا توائم غالبا المكان الذي توضع فيه ناحية النسبة ولا من ناحية الإحساس الفني ... ويمكن لأحد أن يعرف كل شيء عن الشكل بقراءة قليل من صحائف كتاب ولكن هذه القراءة تعطيه بعض الإرشادات ومن أهمها ما يلي :

أولا : يجب على الشخص إن يعني بالأشكال الموجودة حوله ونقصد بالوعي لا مجرد الادراك الحسي بل الاهتمام بها وبتركيبتها فعلى سبيل المثال حاول أن تجمع بعض حصوات الأحجار كتلك التي يقذفها النهر أو البحر ضعها في راحة يدك ثم أطبق عليها وحاول أن تتحسس ملمسها بأصابعك مرور أصابعك بهدوء على سطوحها قد تحس منها ملمس الشمع حاول أن تتأمل أحدى هذه الحصوات بنظرة طويلة واحترام لكيانها واعتزاز بها وعندئذ سيغمرك شعور بإحساس جديد بجمال شكلها ، هذا الشعور سوف تحتفظ به لا شعوريا وتسترجعه ثم حاول أن ننظر إلى الكرسي ، لا ككرسي بل كشكل في فراغ وكذلك حاول أيضا أن تنظر إلى أيادي العدد والآلات بنفس هذه النظرة فأنك سوف ترى فيها جمالا شكليا يضاهي جمال قطعة أو أي عمل فني آخر ..

ثانيا : كن واعيا بأستخدام الشكل إذا كانت لهذا الشكل وظيفة فعلى سبيل المثال قطع الاثاث لها وظيفة فالهدف من إنتاج كرسي ن يجلس فيه شخص جلسه مريحة اننا جميعا نشاهد كراسي قد تتسع لشخص يجلس فيها وتتحمله ولكن ركاكة تكوينها تعطينا احساسا بعدم استطاعتها القيام بهذه الوظيفة فإذا جلسنا عليها نجلس بحذر ولا نستقر في الجلوس نجلس على حاقة القاعدة خوفا من تفكك اجزائها وشائع ايضا الكرسي الذي يريح الجالس ، مع أنه ركيك الشكل ولذلك يرفض صاحبه إن ايرميه هذا النوع من الاثاث يخدم وظيفته المادية ولكنه لا يؤدي وظيفته الجمالية والخطأ الشائع في الاثاث الذي ينتجه الإنسان لنفسه في منزله هو المبالغة في ابعادها يفقدها احيانا تناسبها الفني .

ثالثا : كن واعيا بتناسب أجزاء الشكل وحجمه وخصوصا إذا كان مجسما فكثيرا ما يقودنا حرصا على طول عمر الشيء إن نبالغ في مبناه فيبدو غليظا وقد قدم لنا الصانع والاسكندنافي في الحديث والصانع المصري القديم في العصور الماضية حلا لتلك المشكلة فبعض قطع الأثاث عندهم كأنها قطعة نحت تجمع بين الجمال ودقة الصنعة وأداء الوظيفة ..
إن المشكلة الشائكة التي تواجه المبتدئين في التصميم ذي البعدين هي ابتكار الأشكال المناسبة وكثيرا ما يتساءل بعض المبتدئين كيف ينشئون تصميما متعللين بعدم إجادتهم للرسم ونحن ننصحهم بتجربة قص الأشكال من ورق الجرائد باستخدام المقص ونحن على ثقة بأن هؤلاء الذين يظنون انهم ضعاف في الرسم سيبتكرون بهذه الطريقة أشكالا أجمل لأن الصعوبة التي تواجه المبتدئين في الرسم هي اتجاههم في إنشاء الأشكال إلى أشكال أو وحدات صغيرة منمنمة مضطربة مستغرقتين في التفاصيل السطحية التي لا فائدة منها لجهور الشكل أو لبناء التصميم وفي رأينا أن تجربة إنشاء الأشكال بواسطة المقص من ورق الجرائد تحول بينهم وبين هذه النمنمة وبين الاستغراق في التفاصيل السطحية ، لأن نصلي المقص الطويلين تتجهان بحكم تركيبتها نحو إنتاج منحنيات كبيرة وأشكال رشيقة جميلة والجرائد بطبعها خامة مستهلكة تساعد بل تشجع على خلق اتجاه من الاطمئنان والتجريب الحر .
...............منقول..............