عناصر التصميم الفني


يتكون العمل الفني من عناصر وقد اختلف العلماء والفنانون والنقاد في تحديدها وأن اتفقوا على وجودها فهي في رأي البعض الخط والشكل والفراغ والضوء والظل ومهما كانت هذه العناصر فأن إدراك الفنان لها إدراك جيدا يساعده في عملية التخطيط ويجعله سهلا طيعا كما
يساعده في تقييم تصميمه وتطويره وفي تقدير أعمال المصممين الآخرين وتذوقها ..

فالمصمم يحتاج دائما إلى اختبار الضعف فيه فيعالجها وتؤدي داريته بعناصر التصميم الى تقويم كل عنصر منها على حده ليتأكد من تواجده وتفاعله الاستقلالية في تقويم كل عنصر منفردا عن العناصر الاخرى أن يجعل منها مندمجا في العمل الفني كوحدة واحدة في النهاية
.ونحن نرى الفنان سبنسر موسل أن التصميم الجيد ينقسم إلى ثلاثة عناصر رئيسية وهي :

1- الشكل والأرضية
2- عناصر يمكن قياسها وهي اللون والمعتم والمضيء
3- عناصر مشتقة وهي النقط وما ينشأ عنها من خطوط وأشكال وقيم سطحية .

الشكل والأرضية

الشكل والأرضية أو بعبارة أخرى الموضوع الأساسي للتصميم والخلفية التي تساعده على وضوحه لأن الشكل الذي ينتجه الفنان ه العنصر الأساسي في العمل الفني أما الحيز الذي يحيط بهذا الشكل فهو الأرضية والشكل والأرضية هما أساس كل الفنون وقد نشير إليهما أحيانا على
انهما المساحات الإيجابية والسلبية على التوالي .. الشكل هو الجزء الهام الذي يختلف في صفاته المرئية عن الأرضية والذي يثير اهتمام الفنان ويعني به عناية كبيرة من حيث الحجم والتركيب والنسبة ويلاحظ إن الفنان ينشئ عند ابتكار الشكل نفسه فراغات داخلية تصبح
أيضا جزاء هاما من العمل الفني أو التصميم ولكنها تمثل الأرضية أو الهيئة السلبية فيه ولها مساحتها الخاصة وشكلها وقيمتها في التصميم ولذا يجب على المصمم أن يعني بالأرضية أو المساحات السلبية كلها سواء كانت حول الشكل أو ناشئة بداخله كما يعني بالشكل أو
المساحات الإيجابية وأن يوجد بينها دائما علاقة قوية بحيث يعطي للأرضية ما للشكل من قيمة جمالية وقد يتبادل الشكل والأرضية الاهتمام فتارة تظل المساحة الإيجابية هي الأرضية يحدث ذلك عندما تكون أشكال كل منها جيدة التصميم أو يكون لها درجتان لونيتان متساويتان
في القوة فيتعادلان من الناحية الفنية أو يتعادلان من حيث المعني الذي يراه فيها الناظر وتسمى هذه الظاهرة العلاقة التبادلية بين الشكل والأرضية .. ومن المستحسن إذا أراد الفنان إن يعالج الشكل والأرضية ويقومها أن ينظر إلى الأشكال التشخيصية أي التي تصور
أشخاصا أو حيوانات والحجوم المختلفة الأخرى التي يتكون منها العمل الفني وخصوصا اذا كان مجسما على إنها أشكال هندسية مصمطة فذلك اسهل في الإدراك الفني فمن الممكن النظر إلى معظم الأشكال الطبيعية أو الفنية على إنها مخروطات أو مكعبات أو اسطوانات أو أهرامات
أو كرات أو أشكال بيضيه أو أشكال حرة غير منتظمة وينبغي عندئذ أن ترتبط كل الأشكال الإيجابية والسلبية الموجودة في العمل الفني بعضها ببعض في وحدة واحدة سواء كانت هذه الأشكال مصمطة أو مفرغة كبيرة أو صغيرة ، وحدات مستقلة أو مندمجة في شكل واحد ..

العناصر المشتقة

=================
النقط
الخطوط
الأشكال
القيم السطحية
الفضاء والعمق
==============

أولا : النقط

العناصر التي تشكل التصميم وتكسبه قوة هي النقط والخطوط والاشكال والقيم السطحية وهي جميعها تعمل داخل فضاء وقد سميناها عناصر شكلية لأنها قابله للتشكيل وهي مصدر هام للابتكار فتخرج عنها أشكال مجردة لا تعني موضوعا معينا معروفا للرائي يتميز بالسمات الفنية
الخالصة وهي تسمى احيانا السمات الهندسية بالرغم من عدم استعمال الأدوات الهندسية في رسمها أو تنشأ عنها أشكال تشخيصية لها دلالات متفق عليها تحتوى كثيرا من الصفات الفنية الخالصة .

ويجوز لنا إن نشبه هذه العناصر وما ينتج عنها من عمل فني بالمقادير المختلفة من المواد الغذائية التي تخلطها ربة البيت فتنتج منها طعاما شهيا . وفي ضوء هذا التشبيه السالف نجد أن الفنان يستطيع الجمع بين هذه العناصر بطرق ومقادير لا حصر لها فتعطينا نتائج
فنية لا حصر لها ايضا فهي وسيلة الفنان للتعبير عن احساساته وقد استغلها الفنانون في تصميماتهم من زمن بعيد وسنعرض الآن بعض طرق معالجة هذه العناصر لنرى الاحتمالات التنظيمية التي يمكن إن تنشأ عنها ولنفسح إمامك فرصة تجربتها ودراستها .

النقط

الحقيقة إن النقط لا أبعاد لها من الناحية الهندسية ولكننا نستعملها في العمل الفني بأحجام خاصة فهذه نقطة سوداء على أرضية بيضاء تعبر عن نفسها بشكل مختلف في كل وضع يضعها فيه الفنان فهي تبدو صاعدة مرة وأخرى هابطة أو متحركة نحو الإطار وليست النقطة وحدها
التي تبدو بشكل مختلف في كل وضع جديد وانما الأرضية تتغير أيضا كما تتغير النقطة فتبدو الأرضية معلقة عندما تقيدها النقطة الموضوعة في الجزء العلوي من الأرضية وتبدو متأرجحة غير متزنة تماما عندما تكون النقطة في وسط اسفل المساحة أو تبدو مندفعة أو منجذبة إلى
جانب من الجوانب الذي تغلب فيه مساحة هذه النقطة الداكنة ... حاول إن تجرب ذلك بإضافة عدد آخر من النقط إلى نفس الأرضية في مواضع مختلفة وستكتشف أن هناك نشاطا بين هذه النقط ستراها وكأنها تتلاطم أو تتوتر أو ينجذب بعضها للبعض الآخر ويبدو النقط الكبيرة أو
الدوائر كأنها تلتهم الأخرى الصغيرة ، وقد تظهر النقط الصغيرة كأنها بازغة من الكبيرة وقد تبدو الدوائر وكأنها تطارد بعضها البعض الآخر أو يحمل بعضها بعضا في اتزان جميل أو كأنها تتدحرج كما يتدحرج البلى .. وسيثير انتباهنا إن نشاهد مثل هذه التنظيمات الفنية
عندما تتحرك هذه النقط أمامنا ومن المستحسن أن يقص الطالب من الورق مجموعة كبيرة من الدوائر المختلفة الأحجام ويحاول في جلسة خاصة عمل تكوينات متنوعة منها على سطح أو جملة سطوح مختلفة فيرى عندئذ هذه التأثيرات الفنية التي أشرنا إليها وغيرها واضحة أمامه بدلا
من إن يعتمد على مجرد قراءة كلامنا في هذا الكتاب وستعطيه هذه الدوائر المقصوصة من الورق فرصة سهلة للتنظيم ونقلها إلى مواضع مختلفة من السطح الموضوعة عليه يرى بعض العلماء الذين تناولوا التشكيل الفني إن الفنان يكاد يكون متأكدا من أثر النقط أو البقع في
التصميم فيرى أن لها أثرا منوما ، أو مقيدا فقد دلت الأبحاث الحديثة المتعلقة بالطيران وصلته بادراك المرئيات إن الشكل الدائري ليس هو احسن الأشكال التي يمكن إن تشكل به مبينا إن وجهات الأدوات والعدادات المختلفة الموجودة في الطائرة وذلك بسبب تأثيره المنومة
والمقيد وقد أثبتت البحوث أيضا إن الإنسان يجهد العين لكي تنتقل من الشكل الدائري إلى شكل غيره بينما لا تجد العين نفس الصعوبة ولا تحتاج إلى نفس الجهد في الانتقال من الأشكال العمودية إلى غيرها فالطيار يستطيع بنظرة خاطفة متواصلة إن يرى كل محتويات شكل
مستطيل ويستطيع بسهولة وسرعة إن يدرك الإبرة الشاذة عن الموضع العمودي الصحيح في اللوحات الموجودة أمامه .

وقد توجد النقط والنقط داخل الدوائر في أعمال الفن البدائي بكثرة مما يوحي بأنها اكثر الوحدات قوة وإلزاما التي يستغلها الإنسان لأغرض السحر ونجد في الطبيعة أمثلة عديدة لتنظيمات النقط منه تجمع عنقود العنب وثمار التوت والمسبحة التي استمد شكلها من تجمع
البراعم على ساق النبات ومن تنظيم النقط على جناح الفراشة .وخلاصة القول أن النقط والدوائر هي ابسط عناصر التصميم فإذا ما أدرك إمكانيات استعملها فأنه لن يقوم فقط بعمل تصميمات جميلة بل سيسر من مشاهدتها في الطبيعة في فقاعات الصابون ومن تواجدها في الجبن
وغيرها كما انه سيعمق إحساسه بالجمال لبعض الأعمال الفنية مثل تصوير جون ميرو وقطعة الموزيك المشهورة من الفن البيزنطي للإمبراطور تيودورا في رافنا .. ومن اجل دراك ما تكنه النقط من احتمالات في التصميم يجد الفنان نفسه محتاجا لأن يتعامل معها في تجارب عديدة
ليكشف بنفسه ما لهذا العنصر البسيط من مجالات متنوعة مختلفة بل ما يمكن عمله من هذا العنصر الصغير الغزير الفعال . وقد يكون ذلك بالطباعة باستعمال شرائح البطاطس أو ما شابهها من الخامات المعروفة ونورد في ما يلي بيانا بالاتجاهات المختلفة التي يمكن إن تؤدي
إلى احتمالات فنية عند إجراء بعض التجارب باستخدام النقط والبقع وذلك للاسترشاد بها فحاول إن تجرب إنتاج عمل فني بسيط يعتمد على واحد أو كثر من الاتجاهات الآتية

- الاختلاف في حجم النقط
- الاختلاف في المسافات بين النقط
- تقسيم النقط تقسيما داخليا
- تشكيل النقط بتظليل جزء منها
- استخدام فكرة رسم خط فوق كتلة وفي هذه الحالة تكون الكتلة هي دائرة مصمطة
- غير الأرضية حول النقط بحيث تكون مرة غامقة عنها وأخرى افتح منها ( استخدام الفراغ الإيجابي والسلبي )
- قسم مساحة النقطة ثم لون نصفيها بقيم لونية معكوسة
- ادخل بعض النقط في البعض الآخر مستعملا الألوان الشفافة
- جزئ الدوائر إلى قطاعات ورتب هذه القطاعات
- جمع النقط على شكل عناقيد لإدراك الجاذبية والدفع بين أشكالها .

ثانيا الخطوط

للخطوط وظائف عديدة فهي تقسم الفراغ وتحدد الأشكال وتنشي الحركات وتجزأ المساحات ... عندما يستخدم الفنان الخطوط لتقسيم الفراغ فأنه يهتم بإيجاد فواصل ممتعة بينها فإذا ما انقسم الفراغ إلى أقسام متساوية أدركها العقل بسرعة وانصرف عنها لخلو شكلها مما يدعو
لاستمرار التأمل وعلى العكس من ذلك إذا استحث الفنان نشاط عقل الرائي لبناء علاقة جمالية بين مساحة وأخرى فانه في هذه الحالة يرضيه بالمشاركة في هذه المشكلة الجمالية وهكذا نجد الفنان الممتاز - عندما يصمم قماشا من التيل مثلا - يعمل تصميمات تقسم مساحة
القماش إلى أجزاء تفصلها حواجز خطية متنوعة يستمتع المشاهد بها .. للخطوط تأثير نفسي توحي به إلى الرائي فمن الملاحظ أن الخطوط التي تمتد راسيا من أسفل الإطار لأعلاه تبدو ثابتة فلا هي صاعدة ولا هابطة لأن حدود الإطار توقف حركتها إلى الاتجاهين فالعين تتبع
الخط صاعدة إلى حافة الإطار ثم تتحرك أفقيا حوله حتى يلاقيها خط آخر يأخذها إلى أسفل مساحة التصميم مرة أخرى ... هذا مع العلم بأن الخطوط القصيرة المنظومة على شكل درج السلم والموضوعة بجانبي خط أطول منها تساعد في إظهاره بمظهر الحركة في اتجاه ما لأنها تزيد
من أثر تحركه إلى أعلى قرب حافة التصميم العليا كما تساعد على إظهار حركة الهبوط عند الحافة السفلي أما الخطوط المنحنية فهي أقوى تأثيرا عندما ترسم محاذية لخط مستقيم فتستطيع العين حينئذ تقدير امتداد المنحى ومداه ولذا فنحن ندرك في الطبيعة منحنى ورقة الشجر
بانجرافه عن استقامة خط العرق الأوسط وإذا جاز لنا إن نضع بعض القواعد في استخدام الخطوط لقلنا أن كل تصميم أساسه الخطوط المنحنية يتطلب خطا مستقيما يؤكده لأن التصميمات التي تقصر على الخطوط المنحنية توحي بشكل الديدان أو الأحشاء .. ويجدر بنا أن نذكر هنا
سؤالا هاما هو ما الذي يجعل الخط المنحنى خطا جميلا ويجيب أحد الفنانين قائلا بأن الخط المنحنى يتصف بالجمال عندما يعبر عن مشاعر الشخص الذي يرسمه .. إننا نستمتع بالتنوع في الخطوط كما نحب التنوع في كل شيء آخر فهناك التباين بين الخطوط الرفيعة والخطوط
السميكة وبين الخطوط المقوسة والمستقيمة .. وهناك الخطوط المنحنية وهي عبارة عن خط مقوس استقامة أحد طرفيه وهي تجمع بين ما نستمتع به في الخطوط المقوسة والمستقيمة .إن حياتنا مليئة بالأشكال الخطية ونحن نستمتع بها عندما نعيها ولكننا لا نستمتع بها استمتاعا
كاملا إلا إذا بدأنا في استخدامها لخلق وحدات فنية من إنتاجنا الخاص يعتمد كثيرا على مهارتنا في معالجة الخطوط ... يعتقد بعض الناس أن الفنان شخص قادر على الرسم بمعني أنه ماهر في رسم الخطوط والأصح من وجهة نظرنا أن نقول أن الفنان الرسام هو الشخص القادر على
ابتكار الأشكال وتنظيمها بطريقة معبرة لأن كثيرا من الناس يستطيع إن يرسم صورة مماثلة لشيء ما ولكنه لا يقدر أن يربط بين هذا الرسم وارضية خلفه أو بينه وبين الإطار المحيط به أو بينه وبين صورة شي آخر ، بينما نجد بعض الناس غير الماهرين في الرسم قادرين على
تجميع الأشكال مع بعضها بشكل معبر مؤثر فيه كثير من القيم الفنية ...