بسم الله الرحمن الرحيم
عندما تستقر الحقائق توضح الثبات ومع تكرار الأحداث نتأكد أن المبادئ التي نستند إليها تحافظ على الإستمرارية منبعها منهاجنا وشرعنا
تُترجم من خلالها الأسس الإيمانية والتي تحث على التعلم والتعليم بقوله تعالى "أقرأ" سورة العلق
وتأكيد السيرة النبوية على طلب العلم بقول الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام"اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد"
يظهر لنا ماتوصلت إليه أحدث التقنيات العلمية في عالم الطب والذين وقفوا عاجزين أمام ذلك الجهاز الصغير الذي لم يتمكنوا من زراعته بعد أن زرعوا معظم الأعضاء الإنسانية تقريباً
أنه الدماغ "بيت العقل "والذي من خلاله تحتضن جميع الأحداث وتتحول إلى تفكير واقعي يؤكد على ضرورة التعلم
على سبيل المثال " لو ذهبنا إلى شاطئ البحر لتمكنا جمينا من السير على الرمال مالم تكن هناك معوقات طبيعية ولكن كم كنا يمكنه السباحة ؟
إذا ًلابد من معلم ! وإن تمكن من ذلك البعض كم منا يمكنه الغوص ؟
اذاً فالتعلم والمعرفة عملية تعلمية متدرجة.
في داخل كل منا يقبع كامن صغير يكبر معنا خطوة بخطوة ويرافقنامنذ اللحظات التي يبدأ فيها الطفل بمص أصبعه محاولاً التعرف على العالم المحيط به .
هو الفضول الذي يتواجد بالفطرة أو كصفة وراثية ولاولا ذلك لما غزا الإنسان الفضاء بينما تتواجد الرغبة في التعلم في النفس وتنشط أو تخمد بالمؤثرات المحيطة بها يقول الشرقاوي :
" التعلم عملية تغير مباشر يستدل عليه من السلوك وتظهر نتائجه بتغير الأداء في الكائن الحي "
اما عمليات التعليم فيقول عنها الخلاليه واللبابيدي:
"أُخذت كلمة تعليم من العلم ويقصد به هنا العلم الثقافي الذهني .والأكاديمي ". ثم مضيفاً التعليم في الوقت الحالي أتخذ معاني أوسع حيث أعتنت التربية بعقل التلميذ وميوله وإتجاهاته وأنشطته "ويؤكد صقر على هذا المعنى بقوله " التعليم والأعداد للحياة متلازمان فالأول وسيلة والثاني غاية"
من هنا نجد أن عملية التعلم والتعليم هي عملية تربوية تحدث بين معلم ومتعلم .من الطبيعى وجود فروقات في الطرفين ولكن الدور الأكبر هنا يقع على المعلم فهو قاائد الدفة في سفينة العلم .
وهنا يبرز تساؤل هل من المفترض أن يصبغ المعلم تلاميذه بشخصيته أم يسعى ليكون كل منهم له شخصيته المتفردة ؟
وكيف يمكنه أن يحافظ على شخصية تلميذه دون أن يسهم بقدر من شخصيته الذاتية في هذا التكوين ؟
خاصة وأن عملية التعليم الحادثة بين المعلم والتلميذاساسها التفاعل من الجانبين والذي يترتب عليه احداث اثر على المتعلم من قبل المعلم بتحسين العادات والاتجاهات والمفاهيم واضافة المعلومات ومن خلال ذلك يتأثر السلوك الذي يعتبر الحصيلة الأساسية كنتاج في عملية التعليم .
يقول منرو" إن التقنيات ليست ثابته أو منتهية والتلميذ الذي يتعلم مجموعة من المهارات الميكانيكية فقط سرعان ماتجده متخلفاً في عالم متغير .
أما الشخص الذي يتعلم الأساسيات وطرق الإبداع فأنه يستطيع أن ينمو ويساير الزمن "
نلاحظ هذا عند تعلم اللغة لإنجليزية وهي أشبه ماتكون بتعلم الفن كلغة التداول العالمية , وهناك مُثلاً صينياً يقول:
" إن اللوحة تنطق بأكثر من ألف كلمة "
فالفن إذاً لغة لايجيدها إلا من يعرف أصولها .
السر إذا في عملية التعليم يكمن في فهم المعلم لمادته ومدى حبه لها وفهم بل وإدراك إمكانات وحدود المتعلم ومحاولة سبر أحاسيسه الداخلية لأستخراج الجمال الكامن
وفي رأي أن استخدام الفنون كأسلوب تربوي نابع من الأحساس بالمعاني الجميلة والراقية يلمس الروح ويغذيها .
يقول الشاعر: "جون أبدايلك " الفن يفتح أمامنا بعداً تتنفس من خلاله الروح "
إذاً ففهم المعاني الأصيلة للفنون ومدى علاقة المعلم بمادته إضافة إلى خبراته التراكمية يجعل منه شخصاً خلاقاً
يؤكد حسب الله على ذلك بقوله " الشخص الذواق يستجيب بحساسية في تصرفاته , فهو يدرك الجمال ويرعاه وينشره ويعدي به غيره , ويتطلب الذوق شمول الفطرة أي قدرة على الملاحظة والتصميم الجمالي في أكثر من محيط , فيصبح يجد طعماً للجمال ويستهجن القبح "
التساؤل هو كيف يمكننا تحويل عملية التعليم إلى عملية التعلم في الفنون ؟.
إن أفضل مايمكن أن نقدمه في عمليات التعليم ليس أن نمنحهم مالدينا بل نجعلهم يرون ويدركون مالديهم "
تقول " عواد ": " إن لغة الأطفال وعاداتهم ,العابهم وطرقهم في التعبير عن إنفعالاتهم ومهارتهم الحركية في التخيل وإبتكاراتهم اللغوية والفنية من رسوم وتشكيلات إنما تعبر عن عالم مميز في ذواتهم "
وبما أن الرسوم لغة غير لفظية تعتمد على حاسة البصر ونمو القدرات العقلية فإن استخدامها كطريقة تربوية يساهم في إنماء الحس الفني للطفل .
عموما فأن تعليم الفنون يعمل على تنمية عقلية الطفل ورفع مستواه الفكري تؤكد "بروير "على ذلك بقولها : إن تعليم الفنون مهم جداً للطفل لأنه لايطور ذكائهم فحسب بل ويكسبهم الخبرة ويخلق جواً من السعادة بين الطفل والمعلم "
وهذا يعني أنه بأمكاننا تربية أطفالنا عن طريق الفن يؤكد بسيوني على ذلك بقوله : يمكن للتربية أن تصطبغ مهما أختلفت مظاهرها , بالطابع الجمالي كما أنها عملية إبتكارية يزاولها الفرد عن طريق الفن , ويمكن أن تعمم وتساعد الفرد في تعميق رؤيته الجمالية , وعاداته وإتجاهاته إضافة إلى معلوماته ومهارته وصلتها بالكون الذي يحيط به"
ولابد كذلك من توفر إمكانات خاصة بذاتية المعلم الذي يحقق إمكانيةالتعلم الملموسة وهي أن يكون المعلم واثقاً من قدراته ذو دافعية عالية قادراً على الإنتاج الجيد الأصيل .
كما يجب أن يتمتع بشخصية مرنة مرحة واعياً بمشكلات تلاميذه ليتمكن من حلها ومعالجتها بقدر ما
من المهم كذلك أن يكون محباً للإستطلاع والتقصي متفتحاً يتقبل أفكار الأخرين ومقترحاتهم يدعم إنجازاتهم مدركا للأساليب الحديثة التي تساعده في استخلاص الإبتكارات من تلاميذه .
إذاً نجد أن عملية التعلم والتعليم تكتسب من خلال الخبرات والمواقف التعليمية

إيجابية المعلم وتفاعله مع المادة طبعاً لها الدور الأكبر وذلك يمكنه من التوصل إلى القدرةعلى التعبير عن مادته من خلال برمجة داخلية قائمة على الأسس التي طرحت والتي يجب أن تتوافر في شخصية المعلم لتكون قنوات مفتوحة بنيت على اساس من الأتصالات السريعة لتكون اشارات متداولة بشيفرة خاصة بين المعلم والمتعلم تساهم في تحريك العملية التعليمية وتنقلها من الجمود المادي إلى عالم الروح والديناميكية بحيث يتم تحويل العملية التعليمية إلى مشروع فيزيائي يعمل على تغذية العقل بأرسال موجات كهرومغناطيسية , تترجم إلى أيقاعات مدروسه وهادفة خلال فترة زمنية محددة . تفتح أفاقاً أمام المتعلم أهمها القدرة على التعبير عما يشعر به , ومعنى ذلك انها تصل به إلى كشف الكوامن الإبداعية المتأصلة في محتواه الفكري والنفسي .
حنان حجار