بورتريه

خيول فائق حسن اليتيمة

حسين الهلالي

[url=http://www.br2h.com/up][/url

انه عاد من باريس سنة 1938وداهمه وهج حرارة شمس العراق وضياؤها الذي يكشف كل شيء في ارضه الدا فئة ، لابد ان يتخلص من قشعريرة برد باريس ورماديات جوها الملبد بسحب تتغير بسرعة يتخللها ضياء باهت يدخل تدريجيا ً بغيوم داكنة وهذا يضع الفنان امام الأمر الواقع ليرسم تكويناته في هذه الظواهر وتقلبات الجو الباريسي ونادرا ً ما تفتح حزمة ضوء قوي من شمس متحررة من الغيوم000 هذا ماعاشه فائق حسن في باريس ورسمه،وهو واقع تفرضه التزاماته كطالب يريد ان يجتاز مرحلة الدراسة الباريسية في (البوزار) ويرضي استاذه ، لقد سيطر على تلك المرحلة بتفوق لأنه حمل موهبته معه من العراق كتلميذ موهوب

(ويذكر هو ان اعماله التي جمعها وعرضها على ( البرفسورروجيه ) فقررقبوله فوراً على اثرها وبلا تردد) (طريق الشعب ىكاظم السيد علي العدد 53 الأربعاء 23شباط 2005 ) وعندما وطأت قدماه ارض العراق وحس بالفرق الكبير بين جو العراق وجو باريس انتبه الى اللون الذي جسده ضوء الشمس الساطعة في بلاده والذي نبه بصيرته الي هذا العالم البكر من الألوان ومن التكوينات الطبيعيه التي لم تعبث بها يد الأنسان يجب ان يتفاعل معه ليستخرج منه الوان عراقية لذا انتبه الى الشمس وتعامل معها كلون مضيء يتداخل مع كل الوجود ومع كل زوايا الطبيعة ويكشف الوانها الطبيعية لتكون واضحة امام بصيرة الفنان وهنا تبدأ عملية التغيير والأنقلاب علىالوان باريس واستبدلها بألوان عراقية لتأسيس مدرسةعراقية على الأقل في اللون ، والتيسبقه اليها يحيى بن محمود الواسطي حيث اكتشفها بنكهتها الشرقية وجسد هذه الألوان وتأثير لون الشمس على جماله لذلك يعد فائق حسن( في حسب رأى بعض الباحثين اول من نبه في العراق الى تونات (درجات) اللون الواحد في اللوحة ) ( الرواق حوار مع فنان محمد الجزائري ص3 ) وشرع بتدجين الوان الطبيعة وبدأبعملية التدرج اللوني للون الواحد واستخدم الشفا فية وابتعد عن التنا قض الحا د في الوان اللوحة واستخدام الهارموني، وهذا الخلق عالجه بوعي كامل خاضع الى متطلبات الموضوع وبألأخير تجسيد فكرة الفنان التي تضفي على الموضوع السكينة وابراز هذه الفكرة بشكل ادرامي والتي تسيطر على المشاهد الذكي وابهاره وكذلك المشاهد العادي يتأثر باللوحة التي يقدمها فائق واضعا ً نفسه امام مسؤولية هذه اللوحة وثأثيرها في المجتمع ،ولايمكن ان يطرحها بحالة سكون واسترخاء دون ما تؤدي دورها في التغيير، لذلك لابد ان تكون هناك اثارة تضيء الفكرة للمشاهد وتساعده في تكوين ر أي خاص به يكون مع الفنان اوضده ويقول فائق (انا افضل ان اعالج حالات ( مثلما تعالج الحكومة قضايا اجتماعية ) لأن هذه المعالجة تحل اشكالات ) ويقول في موضع آخر : (اما حين تعمل لهدف اجتماعي فأنك لابد ان تعالج موضوعك الفني بأنسجام مع النفس كفنان وانسجام مع الهدف الأجتماعي ) (حوارمع فنان محمد الجزائري ص3 /مجلة الرواق العدد2 مايس/حزيران 1978)

ان شروع فائق حسن وفتحه الباب الواسع على الطبيعة لايمكن ان يعد هروبأً من المواضيع الواقعية للشعب العراقي وهموم انسان هذا الشعب كما يعتقد البعض اويتهمه البعض الآخر ، لأنهم لم يدركوا بأنه فك الأغلفة وفتح الرموز التي تحيط بهذا الأنسان في الطبيعة وطرح هذه المواضيع التي تشكل ركنا ً هاما ً من حركة الشعب العراقي وتطوره وينتقد الفنانين الطفيليين والمتحذلقين والأدعياء ويقول نحن نلاحظ كثير من الفنانين يشاركون في معارض سياسية من اجل التملق او الأرتزاق اوتمشية الأمور المعاشية او الحضور الشكلي ضمن الجو00هنا00لايتحقق الأنسجام لافي اللوحة ولافي اللون00 ولاالهدف الأجتماعي (محمد الجزائري حوار مع فنان/ مجلةالرواق العدد2 مايس/حزبران 1978 ص3)

اذاً ًماذا حقق الفنان فائق حسن لمجتمعه ولنفسه ؟

لاينكر أي احد من الذين زاملوه اواحتكوابه في الأوساط الثقافية اومن الذين تتلمذوا على يده من كونه اسس بناء فني رصين وضع فيه خلاصة ما تعلمه في باريس وأدام هذا البناء حتى وفاته واصبح صرحاً شامخاً في العراق انه معهد الفنون الجميلة والذي خرّج كثير من الفنانين الرواد ومابعد الرواد لقد اراد لهذا المعهد ان يخرج فنانين وخاصة طلبة القسم النهاري لذلك من تعليمات المعهد ان يقبل اربعةعشر طالب على عدد المحافظات في1957/1958 وكان نصيب دورتنا في ذلك الوقت وعدد المتقدمين اربعة وعشرون طالباً وتم ذلك واجتزنا الأختبار العملي وعددنا اربعةعشر ، هنا اعترض المرحوم جواد سليم وطالب بقبول بقية التلاميذ معللاً ذلك بقوله نحن نريد فنانين ومدرسين ومجتمع فني وليس فنانين فقط) ولكن فائق حسن رد عليه نحن نقبل هذا العدد القليل حتىيتم التدريب بصورة جيده وعلىالأقل ينشمل الطالب بمرتين تدريب من قبلنا في الشهر، ر فعت العمادة آراء مجلس مدرسين المعهد الى وزير المعارف اسماعيل العارف في وزارة الزعيم عبد الكريم قاسم وجاءت الموافقة بالأيجاب وقبل بقية الطلبة1 لم يبق من تلك الدورة احد يمارس االفن التشكيلي الا ستة فنانين وهم :راكان دبدوب ، علي النجار ، فاروق حسن ،سالم الد باغ، حسين الهلالي ،عبد الألة سياب ،وهم ينتمون الى جيل الستينات0 ان فائق حسن يبذل جهوداً مضنية مع تلاميذه لأيصالهم الىامتلاك ادواتهم الفنية وممارس العمل الفني التشكيلي بشكل صحيح ،كان يرعى هذه المجاميع التي سبقتنا والدورات التي تلتنا ويتعامل معها بصدق وبروح تربوية عالية ،انه يمتاز بالبساطة وعدم التكبر لم يفتعل ذلك وانما هي طبيعته لايتردد بعد انتهاء الدوام من تنظيم الأستوديو وترتيب( الأستاندات) مع عامل المعهد يرتدي اللباس البسيط (بنطلون خاكي وقميص شو رت ويأتي من بيته في الصليخ راكباً دراجة سباق هوائية) وفي احدى المرات زار المعهد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم وفي مناسبةمهرجان المعهد السنوي وكان يكرر الزيارات في المناسبات الفنبة واستقبل من قبل الفنانين واساتذة المعهد وعندما وصل الىقسم الرسم استقبله فائق حسن والأساتذة ،وفائق على غير عادته يرتدي بدلة بيضاء ورباط وفي منتى الأناقة ، وعندما شاهده الزعيم ابتسم والتفت الى الدكتور الراحل خالد الجادر والذي يرافقه وقال له : ( هذا فائق حسن ام غيره ) ثم ابتسم ابتسامته المعهودة بوجه فائق

ماحققه فائق لنفسه

اعتمد على ثقته بنفسه بشكل كبير وهذه الثقة اوجدت لديه الأقدام دون تردد تدفعه لواعجه الى الأمام وعدم ا لأستقراره في دائرة واحدة مغلقة تقوده الى السكون والركود ثم الى الموت، لذا كان تجريبيا ً يريد ان يكتشف ماحوله من غموض واسرار الطبيعة والأنسان وما يحيط به وفي فتراته الأولى لايفصح عن اسلوب معين او يدلك على ملامح شخصيته الفنية ،انه يمتلك الأدوات كما اسلفنا وهو على وعي تام من تقلب التيارات والمدارس الفنية وعلى دراية بالواقع الأجتماعي لأن انحداره من عائلةفقيره وهذا يمنحه الحرية بدء ا ً من اوطأ الطبقات فقرا ًُ الى الطبقات العليا والتى اختلط بها وزامل افرادها وجامل الكثير من المجتمع الخليط ، كان يتحدى المشكلات التي تبرز من داخله ويعالجها بأدراكه وحسه ومع دواخله لذلك هو لايتقيد بالأعراف الأكاديمية ولا الأكلاسكية ولاهموم الواقعية الحرفية انه يسعى للوصول الى الحالة الأبداعية التي تخلق الحدث الدرامي الجديد والمؤثرلقد فتش عن هذه الحالة في الثأثيرية وفي التجريد ونجح بهما لأنه لم يتخلى عن رمزه الخالد الأنسان وحركة البيئة والتراث ، لذلك اصبحت هذه اللوحات من مخزونه الفني والمعرفي والمحسوبة على فترات عمله الدؤوب والتى رسمت بيد خبير اراد ان يرضي طموحه ويفرغ ما يعتمر بصدره لاصدور الآخرين لذلك اعد ما انجزه سفر واعي بين الأساليب والتجريب الى ان ثبّت اوتاد عمله بأرضية صلبة تكون الأتكاءة الدائمة لأسلوب رصين جمع التراث واسس لواقعية جديدة استلهم الونها من شمس العراق وارض العراق واصبح اللون يقترن بأسمه لقد انبهر بألوان الصحراء وصفائها واصبحت هي المثابة التي يدور حولها ى،خيام البدو وحركة الخيول الأصيلة والوان ملابس النساء الشعبية وملابس الرجال وحركة الأغنام وما تثيره من غبار وحركة الخيول وجريها في الفضاءآت الصحراوية ،كل هذا ارتبط به فائق ارتباطاً حميمياً وكأنه راعي هذه الخيول وهو الذي يطعمها ويسهر عليها ولانعلم ربما عقد صداقات مع هؤلاء الأعراب قال لي الفنان جهاد كاظم وهو احد تلامذته كان فائق حسن يأتي لي في مدينة الصويرة القريبة من بغداد ونذهب الى الأعراب في الحقول وفي الفضاءآت الواسعة خصوصاً عندما يعودون من رعي حيواناتهم في بداية الصيف ،وكان يقضي فترات طويلة يخططهم ويخطط الخيول واحياناً يلون المواضيع التي رسمها وكثيرا ً ماينسى نفسه حتى الطعام ما عدى( الغليون ) ) ان هذا الأرتباط الحميمي فرض على فائق ان يعود نهائيأً الى صدر الواقعية الرحب ونهائياً يعلن بشكل صريح عن اسلوبه الذي اعتمده بعد خلاصة تجاربه الفنية الكثيرة وهذه العودة مؤرخة في تاريخ الفن العراقي سنة 1970 وهي مرحلة نضج وريادة في الفن التشكيلي في العراق وفي الوطن العربي ولو رجعنا الى لوحاته عن الأعراب فانه لايرسمها ترفا ً كما ادعى البعض وتهمه بتجسيد الجمالية فقط في هذه المواضيع انهم واهمون ، فهذا عالم مغلق ونقي وهو يؤلف عرف الصحراء والبناء الأنساني فيها وكيفية مقاومة جوها ،ان هذه اللوحات اصبحت جزء من نسيج فائق حسن الذي يمثل التصاقه بالخيول منذو الطفولة والتي كثير ماشاهدها في مرابط الخيول ( الخانات ) في بغداد في نهاية العشرينات وشاهدها وهي تجر ( الربلات ) وشاهدها كفنان في بيئتها الطبيعية التي تعيش فيها وهي تتمع بحرية و تجول في الأرض الخضراء اوالصحراء ولاحظ حنو الأعراب عليها ،لذلك نجد اللون عنده يصبح قطعة من روحه واحاسيه ويلتقط مشاهد درامية سواءً في التخطيط او الألوان ويكملها في مرسمه وهو يعيش حالة تأمل واسترجاع لما شاهده على ارض الواقع 0 وبعد هذاالايحق لنا ان نتوج فائق حسن رائداًاضفى وجودة على الفن العراقي الشرعيةفي قيادة الفن التشكيلي العربي واوصله الى العالمية يقاسمه هذه الريادة رفيقه جواد سليم وفعلا كان هو وجواد السبّاقان لتأسيس جماعة الرواد عندما طلب منه ذلك ويقول في حديث لجريدة الواسطي آن ذاك ( (في رأيي ان الحركة الفنية في العراق،حركة نشيطة تدل على تفاعل روادها مع فنهم ،وعلى اهتمامهم بأبراز احاسيهم ال خير الوجود،ان مثل هذه البادرة يحسدنا الكثيرون عليها في البد العربية، ثم انها تدل على اصالة الفن العراقي -00وتطوره وتبشر بمستقبل مشرق لأجيالنا )) ان فائق حريص اشد الحرص على الحركة الفنية وديمومتها وخلق الجدية والتطور فيها ووضع الفنانين امام مسؤولياتهم التاريخية لقيادة الحركة التشكيلية العراقية وفعلاً ا عمل الرواد كل من موقعه وبجدية وقادوا الحركة التشكيلية فتأسست جمعية التشكليين العراقيين سنة 1956 ومن مؤسسيها فائق حسن والدكتور خالد الجادر وجمع من الفنانين وبعد ذلك تأسست نقابة الفنانين العراقيين ولكن تبقى خيول فائق حسن يتيمة لانها لم تجد من يرسمها بروحيته في سكونها وفي هيجانها وحركاتها الدرامية ، وتبقى الحركة الفنية تفتقر الى فائق حسن والرواد الآخرين 0

هويته الشخصية

1-من مواليد سنة1914-في محلة البقجة قرب النادي العسكري

2- اكتشفت اصابعه سليقته الفنية وهوبعد في سن السا بعة

3- احتضنه مدرسو ماة الرسم في كافة المراحل الدراسية فكانوا وراء اندفاعه الفني

4- اقام اول معرض شخصي له00سنة1938

5-شارك بعدة معارض مع جماعة الروا د في الأربعينات

6-شارك بعدة معارض في اورزدي باك 0

7- اقام عدة معارض مع اصدقاء الشرق الأوسط في مصر

وبيروت0

8- اقام معرضاً متجولا ً في امريكا

9- اقام معرضا ً خا صاً في بولونيا

10- توفي في باريس سنة 1992

المصادر

1-الرواق – العدد2 مايس / حزيران 1978-محمد الجزائري-حوار مع فنان ص2

2- الواسطي-نشرة تصدرها اللجنة العليا لمهرجان الواسطي العدد الثاني- بغداد-1972

3- الفن التشكيلي المعاصر في العراق-شوكت الربيعي- وزارة الأعلام-مدرية الثقافة العامة- السلسلة الفنية 11-1972

4- الحركة التشكيلية المعاصرة في العراق- مرحلة الرواد- عادل كامل

5-ايام التلمذة في معهد الفنون الجميلة -1958-1959-1960-1961