كتاب دراسات نفسية في التذوق الفني



قبل أن نعرف بالكتاب يجب التنوية إلى وجوده على شكل كتاب إلكتروني يباع على الإنترنت، وذلك من خلال الموقع التالي:
كتب عربية
www.kotobarabia.com


التعريف بالكتاب:

لماذا تعلق في أذهاننا بعض المقطوعات الموسيقية، ونحب سماعها، وقد نقوم بتكرار بعض نغماتها من خلال بعض الأصوات التي نؤديها بفمنا أو بأيدينا، بينما تتلاشى مقطوعات أخرى بسرعة من أذهاننا، ولا نحب سماعها أو ترديدها؟ لماذا نحب بعض لوحات بيكاسو أو ڤان جوخ، أو روبنز، ولا نحب لوحات أخرى لرسامين آخرين، أو حتى لنفس الرسامين؟ لماذا نحب بعض أشعار أو قصص أو روايات بعض المؤلفين في مجال الأدب، ولا نحب أعمالاً أخرى لنفس المؤلفين أو لمؤلفين غيرهم؟ إن الإجابة المباشرة قد تكون كامنة في قوة التأثير الجمالي أو الانفعالي التي تمارسها موضوعات هذه الأعمال، وطرائق تشكيلها أو تكوينها علينا، وقد تكون متمثلة في بعض سماتنا وخصائصنا وخبراتنا الشخصية، لكنها (هذه الإجابة) أكثر تعلقًا بالمركب الخاص أو المزيج الفريد من خصائص هذه المؤثرات الفنية والسمات الشخصية. خلال بحث العلماء عن الإجابة عن مثل هذه التساؤلات المثارة في الفقرة السابقة؛ طرحوا عديدًا من الإجابات التي قد تتفق وقد تختلف فيما بينها.

فخلال بحثه عنه بعض إجابات لهذه الأسئلة قام برلين Berlyne – وهو من رواد الجماليات التجريبية – بتطوير نموذجه الخاص حول "الاستثارة المثالية"، ووفقًا لهذا النموذج فإن الخبرات الجمالية تستثير العقل وترفع مستوى الاستثارة الحسية إلى مستوى معين من السرور أو اللذة أو التفضيل. وتنشأ إمكانية التنبيه – ومن ثم التفضيل – من خلال تأثير بعض الخصائص المميزة للمثير الجمالي؛ مثل التركيب Complexity والجدة Novelity والإدهاش أو المباغتة Surpriseingness والغموض Ambiguity، وغير ذلك من الخصائص المميزة لهذا المثير الجمالي؛ فالأعمال الفنية البسيطة إلى حد الابتذال والسهولة والقابلة للتنبؤ بمحتواها، أو ما يمكن أن يحدث خلالها بسهولة (كما هو الحال في القصة والرواية والمسرحية والفيلم مثلاً)؛ هي أعمال تخلو من القدرة على إثارة الاهتمام، وفي نفس الوقت، فإن الموضوعات الجمالية شديدة الثراء والاكتظاظ في تعقدها، وذات التشكيلات غير المتوقعة، وذات الأصالة أو الجدة التي تتحدى من يفترض أنهم قادرون على تذوقها؛ من المحتمل أن تستثير رد فعل معاكسًا أو مضادًا لها. والأمر المثالي لأي عمل جمالي في رأي لوتمان هو أن يقع بين هذين الطرفين؛ أي بين السهولة والتعقيد، أي يقع عند الحد المتوسط على هذا البعد، فلا يهبط إلى السهولة المبتذلة، ولا يرتفع إلى التعقيد الملغز الغامض إلى حد الالتباس أو الإبهام. (انظر بشكل خاص من أجل مزيد من التفاصيل حول هذا النموذج كتاب برلين: Aesthetics and psychology, 1971).

لقد صادقت الدراسات والتجارب العملية والمعملية بشكل عام على نموذج برلين، ولكن بسبب كون هذه الدراسات تستخدم منبهات مصطنعة وليس أعمالاً فنية حقيقية؛ فإننا لا نستطيع أن نعرف بشكل مؤكد ما إذا كان هذا النموذج ينطبق على المواقف الجمالية الواقعية أم لا؟ (Simonton, 1984, P. 115).

مع ذلك فإن دراسات أخرى قام لنداور M. Lindauer بتلخيصها تشير إلى أن هذا النموذج الذي طرحه برلين يحتوي على احتمالات كثيرة للصدق والصواب (Lindauer, 1974).

من بين الأسئلة والقضايا الأخرى المطروحة في هذا المجال ما يتعلق منها باعتماد القيم الجمالية على المعايير الثقافية؛ فهناك دراسات نفسية أشارت إلى أن القيم الجمالية تعتمد على المعايير الثقافية السائدة في ثقافة معينة، وأنه من خلال اكتساب هذه المعايير فقط، ومن خلال أساليب التنشئة والتربية والتعليم والإعلام.. إلخ؛ يكون الحكم الجمالي القائم على أساس قوي أمرًا ممكنًا، سواء لدى خبراء الفن أو لدى المهتمين به. وأصحاب هذا الرأي يرون أن النسبية الجمالية هي انعكاس للنسبية الثقافية، بينما يرى علماء آخرون أن هناك ما يمكن أن نسميه بعالمية الأحكام الجمالية، مثلما يوجد ما يمكن أن نسميه بعالمية سمات وخصائص الشخصية، ولأصحاب كل رأي من هذين الرأيين مبرراتهم وحججهم المقنعة؛ ومن ثم فالمسألة ما زالت تشتمل على قدر كبير من الخلاف العلمي الحاد، لكنه خصب وفعال في نفس الآن.

لهذا أجريت مجموعة البحوث الواقعية Empirical التي نعرض لها في هذا الكتاب، والتي تمثل مساهمة متواضعة في الإجابة عن بعض الأسئلة السابقة. وهذه المساهمة تضاف إلى مساهمات هامة قدمها علماء عرب (من مصر بوجه خاص) هم تحديدًا: سويف، وأبو حطب، وحنورة، والشيخ. وقد استفاد القائمون بالدراسات المعرضة في هذا الكتاب بجهود هؤلاء العلماء وغيرهم من العلماء الأجانب، إلى حد كبير. ورأينا أنه من المناسب تجميع هذه البحوث في كتاب واحد تتحقق الاستفادة المرجوة في استمرار الجهد النظري والواقعي في هذا الميدان.

وعلى هذا يحتوي هذا الكتاب على ثمانية فصول؛ الأول والثاني هما الإطار النظري للدراسات النفسية للسلوك الجمالي، وهما بمثابة مدخل نظري للبحوث الواقعية الستة اللاحقة.

أما الفصل الثالث؛ فموضوعه دراسة الفروق بين الجنسين في التفضيل الجمالي (في فن التصوير خاصة).

وتحدد موضوع الفصل الرابع في دراسة العلاقة بين التفضيل الجمالي وبعض سمات الشخصية (في فن التصوير خاصة).

وتحدد موضوع الفصل الخامس في دراسة الفروق بين الجنسين في التفضيل الجمالي في الأدب خاصة (الشعر والقصة القصيرة).

وتحدد موضوع الفصل السادس في دراسة العلاقة بين التفضيل الجمالي وبعض سمات الشخصية في الأدب خاصة (الشعر والقصة القصيرة).

وتحدد موضوع الفصل السابع في دراسة أبعاد التفضيل الجمالي في فن التصوير والأدب (الشعر) من خلال المنهج الارتباطي الوصفي المتمثل في التحليل العاملي.

أما الفصل الثامن؛ فاهتم بدراسة العلاقة بين التفضيل الفني وبعض الأساليب المعرفية، وبعض سمات الشخصية على عينة عمانية هذه المرة، وليس عينة مصرية كما هو الحال بالنسبة للبحوث الأخرى الموجودة في هذا الكتاب.


إنتهى